يجيب مدير عام الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية، محمد شريف بوعود، على أسئلة كثيرة تهمُّ الشباب المستثمر وحاملي المشاريع. يتحدث عن إعادة تحريك مشاريع مؤسسات متعثرة وتسوية ملف الديون.
يُفصل محمد شريف بوعود – أيضا- في حوار لموقع “الشعب أونلاين”، أبعاد المقاربة الاقتصادية الجديدة، التي تتبناها وكالة “أناد” (أونساج سابقا(، ورهانات نجاحها.
نسعى لإمضاء اتفاقيات مع عديد القطاعات والمجمعات والمؤسسات، تسمح لأصحاب المؤسسات المصغرة بالحصول على عقود صفقات
هناك مقاربة اقتصادية جديدة للوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية”أناد”، هل تشرحوا لنا خطوطها العريضة؟
بعد إسناد الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية للوزارة المنتدبة المكلفة بالمؤسسات المصغرة، اعتمدنا مقاربة جديدة، اقتصادية محضة برؤية مغايرة.
في السابق، كانت الوكالة تمول الشباب البطال، لكن اليوم يحق لكل من يحمل فكرة مشروع، يرغب بتنفيذه وتتوفر فيه الشروط، الاستفادة من مرافقة “أناد” لتجسيد أفكاره، شرط أن يكون المشروع ذي جدوى اقتصادية ويوفر مناصب شغل.
وحتى اذا كان صاحب المشروع مستفيد من برامج أجهزة دعم أخرى يحق له التقدم إلى الوكالة.
على ماذا تراهنون لضمان نجاح مؤسسات مصغرة؟
لإنجاح هذه المقاربة، كانت أول خطوة عصرنة الجهاز والاعتماد على الرقمنة 100٪.
المنصة الالكترونية للوكالة تسمح بمتابعة كل العمليات في الولايات، من مشاريع مسجلة، ملفات مقبولة، ومشاريع ممولة.
نركز كثيرا على المعلومة الآنية، وما يصدر من تعليمات وتدابير يُعمم على 58 ولايات في وقت وجيز جدا، هدفنا من ذلك الوصول إلى شفافية تامة في دراسة ومعالجة الملفات ومتابعة تنفيذها.
بالمقابل، نسعى لتذليل العقبات والعراقيل، وتوفير بيئة أعمال تحتضن هذه المشاريع وتسمح لأصحابها بتطوير مؤسساتهم
ماذا عن التدابير والامتيازات الممنوحة لفائدة أصحاب المشاريع؟
اعتماد مقاربة اقتصادية محضة، استدعى مراجعة النصوص التنظيمية للوكالة، وتكييف الاطار القانوني وإعادة النظر في التدابير والامتيازات الممنوحة لأصحاب المشاريع، منها نسبة المساهمة الشخصية لصاحب المشروع التي كانت تتراوح بين 1 و 2 ٪، واليوم محددة بـ10 ٪ في مناطق الجنوب، 12 ٪في مناطق السهوب و15٪ في مناطق الشمال.
نسبة المساهمة الشخصية رُفعت لاعتبارات عديدة، منها ضمان جدية المشروع، وقلصنا مدة الشروع في تسديد القرض من 3 سنوات إلى سنة ونصف.
باشرتم شهر مارس الماضي جلسات لدراسة وضع 240 ألف مؤسسة متعثرة، أين وصلتم في هذا الملف؟
لجنة الضمان المكونة من إطارات الوكالة وصندوق ضمان أخطار القروض درست من مارس 2021 الى سبتمبر 2021، 10599 ملف، بمعدل 500 ملف أسبوع.
هذه الجلسات أفضت إلى قبول 5087 ملف للتعويض، وتأجيل ملفات 5335 مؤسسة في حالة نشاط لإعادة دراستها وتقديم المرافقة اللازمة لها من “أناد” عن طريق إعادة جدولة ديونها، ومنحها مخططات أعباء تسمح بتحريك نشاطها في اطار الاتفاقيات الممضاة.
إضافة إلى تسوية ملفات 111 مؤسسة نهائيا بتسديد ديونها لدى البنوك والوكالة، وإعادة 96 ملف الى البنوك لعدم استيفائه شروط التعويض.
الطلب على انشاء مؤسسات مصغرة يتزايد يوما بعد يوما، وكل مشروع يتطلب تمويل وتكوين ومرافقة
على أي أساس تصنف مؤسسة على أنها متعثرة ويحق لصاحبها الاستفادة من التدابير الجديدة التي اعتمدتها الوكالة؟
المؤسسة المتعثرة هي كل مؤسسة لم تدفع 3 أقساط بنكية، ولا يعني ذلك أنها مؤسسة فاشلة، ففي جائحة كورونا تعثرت عديد المؤسسات، تواجه حاليا صعوبات ظرفية.
توجد – أيضا- مؤسسات ناجحة لا تدفع ديونها، وفي هذا الشق ينتظرنا عمل كبير لاسترجاع الأموال وإعادة تمويل حاملي مشاريع.
لكن ما يهما كثيرا المشاريع الناجحة التي تمكن أصحابها من توفير مناصب شغل وثروة وحتى تصدير منتجاتهم.
ماذا عن ملف الديون المتراكمة؟
الفئات التي لم تدفع 3 أقساط بنكية، وهي حالات كثيرة، نعمل على تسوية وضعها بإدماجها ومنحها مشاريع تسمح لها بالنهوض مجددا، وهذا ما نعمل عليه حاليا مع كثير من المؤسسات.
توجد فئات أخرى، معفية من تسديد الديون وهي: مؤسسة توفي صاحبها، مؤسسة تضررت بفعل كوارث طبيعية، مؤسسة حُجز عتادها من طرف البنك، مؤسسة أصيب صاحبها بعجز بدني أو عقلي بعد ممارسة النشاط.
ويوجد مقترح قيد الدراسة، يتعلق بمؤسسة لم يعد نشاطها يواكب المستجدات التكنولوجية والاقتصادية وليس له جدوى.
نعمل حاليا على تجسيد تصور جديد بالشراكة مع مؤسسة عمومية، عبارة عن مشروع لاستحداث مناطق نشاط خاصة بالمؤسسات المصغرة.
بما أنكم اعتمدتم مقاربة اقتصادية مغايرة، هل أخذت بعين الاعتبار حماية الشباب المستثمر في حال تعثر أو فشل المشروع؟
بطبيعة الحال، في هذا الجانب أعدنا تكييف تدابير وإجراءات صندوق الكفالة المشتركة.
هذا الأخير هو الجهة الضامنة للقروض التي تمنحها البنوك لأصحاب المشاريع، ويوفر أيضا الحماية لصاحب المشروع. في حالة فشل المشروع يوجد صندوق يتكفل بمستحقات البنك من ديون.
صندوق الكفالة المشترك له دورين، يمنح للشاب ضمان لدى البنك قبل حصوله على القرض، مقابل الانخراط في الصندوق بـ 1.5 في المائة سنويا من قيمة القرض، ويضمن للبنك تعويض القرض بـ70 في المائة، يعني لا وجود لأي متابعة من قبل البنك ضد صاحب المشروع.
ومن الإجراءات الجديدة في هذا الجانب، تكفل الصندوق بتعويض البنك، لتبقى مهمة استرجاع القرض من صلاحية الصندوق عكس ما كان معمول به سابقا، حيث يمكن أن يمنح الصندوق فترة تصل إلى غاية 15 سنة لصاحب المشروع من أجل تسديد ديونه.
أجرينا اتصالات مع ولاة لتوفير فضاءات تحتضن مناطق للنشاط يستفيد منها أصحاب المؤسسات المصغرة بأسعار مدروسة وجد معقولة
كم عدد المستثمرين استفادوا من تمويل مشاريعهم منذ إعادة هيكلة الوكالة؟
نحصي 2700 مؤسسة في السداسي الأول من سنة 2021، منها 483 مشروع في قطاع الفلاحة.
بالنسبة لنا الرقم لا يستجيب لطموحاتنا، ويرجع ذلك إلى إعادة هيكلة الوكالة وتكيف الإطار القانوني، إضافة إلى الظروف الصحية بسبب جائحة كورونا.
الأهداف المسطرة أكبر بكثير، مع تحسن الوضع الصحي نطمح إلى تمويل 10 ألاف مشروع في السداسي الثاني من السنة الجارية.
الرهان الأكبر يتمثل في توفير بيئة أعمال لإنجاح هذه المؤسسات لتحقيق الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية المرجوة.
بيئة أعمال لإنجاح هذا النوع من المؤسسات، يعني أنها لم تكن موجودة من قبل..
لم تكن تسير بالوتيرة التي نعمل عليها حليا في إطار المقاربة الجديدة.
نسعى جاهدين لإمضاء اتفاقيات مع عديد القطاعات والمجمعات والمؤسسات، تسمح لأصحاب المؤسسات المصغرة بالحصول على عقود صفقات،وتوجد قطاعات، منها الموارد المائية، السياحة، السكن، الطاقة تجاوبت معنا كثيرا في هذا المسعى.
على سبيل المثال مشاريع أحياء سكنات “عدل” تستفيد منها مؤسسات مصغرة، حيث وُضع دفتر أعباء خاص بها، بناء على الاتفاقية الممضاة مع المديرية العامة لـ “عدل”. عندما يحصل صاحب شركة مصغرة على عقد عمل للتكفل بنشاط الصيانة، التنظيف..الخ، مدة 5 سنوات، بإمكانه تسديد القرض وتطوير مؤسسته، وتوفير مناصب عمل مؤمنة.
وفقا لما ذكرناه، نراهن كثيرا على توفير مناخ ملائم لنجاح المؤسسة المصغرة في شتى المجالات، ولا نكتفي فقط بإمضاء اتفاقية بل نُنصب لجان وطنية ومحلية لمتابعة مدى تنفيذ بنود الاتفاقية.
ننتظر صدور مقرر وزاري يحول تسيير كل محلات “أوبيجي” إلى وكالة “أناد” ليستفيد منها أصحاب المشاريع.
كم مرحلة يستغرقها حامل فكرة مشروع لتجسيد مشروعه؟
تنفيذ المشروع يمر بثلاث مراحل، أولها دراسة الملف بالوكالة في آجال تتراوح بين 15 إلى 20 يوما على أقصى تقدير في الظروف العادية.
المرحلة الثانية تخص صاحب المشروع الذي يجب عليه تشكيل الإطار القانوني وسجل تجاري وإيجار محل للنشاط، وأخيرا مرحلة ثالثة متعلقة بالبنك والتي لا تتجاوز 60 يوما.
هل الإجراءات المتخذة لحد الآن من قبل السلطات العليا في البلاد، كافية لنجاح هذه المؤسسات؟
نقول إنها كافية نسبيا، لكن الطلب على إنشاء مؤسسات مصغرة يتزايد يوما بعد يوما، وكل مشروع يتطلب تمويل وتكوين ومرافقة، لذلك نسعى دائما لإفتكاك المزيد من المكاسب لفائدة المؤسسات.
صحيح أننا حققنا مكاسب كثيرة، ونجحنا في تحسين المرافقة والتكوين لحاملي المشاريع، لكن لا يجب أن نتوقف عند هذا الحد. مثلا نعمل حاليا على تجسيد تصور جديد بالشراكة مع مؤسسة عمومية، عبارة عن مشروع لاستحداث مناطق نشاط خاصة بالمؤسسات المصغرة.
مناطق نشاط.. هل لكم التفصيل أكثر في هذا المشروع؟
مناطق نشاط مصغرة هو تصور جديد للوكالة لأول مرة نكشف عنه، نعمل على تجسيده بداية من السنة المقبلة، إذ ندرس مشروعا نموذجيا أُعد من قبل شركة عمومية تابعة لقطاع الصناعة.
من جهتنا، أجرينا اتصالات مع ولاة لتوفير فضاءات تحتضن مناطق للنشاط يستفيد منها أصحاب المؤسسات المصغرة بأسعار مدروسة وجد معقولة، تسمح بتوفير مقر دائم للنشاط، وفي بعض الولايات تم توفير فضاءات.
إلى جانب ذلك، ننتظر صدور مقرر وزاري يحول تسيير كل محلات “أوبيجي” إلى وكالة “أناد” ليستفيد منها أصحاب المشاريع.
الفلاحة من القطاعات التي تعول عليها الحكومة في مخطط الإنعاش الاقتصادي، ما محلها في المقاربة الجديدة لـ”أناد”؟
كل نشاط فلاحي يحظى بأولوية بالغة بالنسبة للوكالة، نعمل على تشجيع الشباب للاستثمار في الفلاحة، بدليل تمويل 488 مشروع مؤسسة مصغرة في السداسي الأول من السنة الجارية من أصل 2700 مشروع.
في هذا الجانب نشير إلىبرامج استحداث محيطات فلاحية جنوب ولاية خنشلة، حيث استفاد حاملو مشاريع من دورات تكوينية بالشراكة مع مصالح وزارة الفلاحة، منها 31 مؤسسة حصلت على الاعتماد.
إلى جانب خنشلة، توجد ولايات أدرار، تمنراست، منيعة، تميمون والبيض، كلها معنية بمشروع المحيطات الفلاحية، حيث يستفيد الشباب من عقود امتياز تكوين، مرافقة وتمويل للمشروع.
من التخصصات الجديدة في الوكالة، الاستغلال الحرفي للذهب، من يمكنه الاستثمار في هذا المجال؟
ثروة الذهب في ولايات الجنوب كانت تستغل بطريقة غير قانونية، اليوم فتحنا المجال للراغبين في استغلال هذه الثورة للنشاط في اطار قانوني، والأولية لأبناء المنطقة.
مثل هذه المشاريع لها أبعاد هامة، منها تنمية مناطق معزولة، إضافة إلى أبعاد اجتماعية تتعلق بتحسين معيشة الساكنة، نجاح مشروع واحد يعني توفير مناصب شغل وضمان تأمين اجتماعي لعائلات.
تحدثتم سابقا عن إطلاق صيغة التمويل الإسلامي للمشاريع.. أين وصلت العملية؟
مثلما هو معرف لدينا 3 أنواع من التمويل، تمويل ثلاثي (وكالة – بنك – صاحب المشروع)، تمويل ثنائي (وكالة – بنك) وتمويل ذاتي (صاحب المشروع)، اعتمادنا صيغة التمويل الإسلامي مرتبط بتعميم شبابيك الصيرفة الإسلامية في كافة الفروع البنكية التي أطلقت هذه الخدمة، ونحن جاهزون لإطلاق هذه الصيغة فور استكمال تعميم الصيرفة الإسلامية.
تشجعون مؤسسات مصغرة لتصدير منتجاتها، ما مقاربتكم في ذلك، وكم مؤسسة بإمكانها تصدير منتجاتها؟
تصدير منتجات لمؤسسات مصغرة من الأهداف الهامة للوكالة، نعمل في كل مرة على توفير فضاءات خاصة بمؤسسات مصغرة في معارض وطنية ودولية، ففي شهر ديسمبر ينظم معرض “أسيهار” بتمنراست تشارك فيه مؤسسات من دول الجوار، وستكون منتجات مؤسسات مصغرة حاضرة في هذا المعرض.
أطلقنا برنامج “سفير” بالشراكة مع وزارة التجارة، وهو برنامج يمنح للشباب المستثمر عديد الامتيازات، منها تخفيضات في النقل، التكوين، اعتماد منتجات وفق المعايير المطلوبة التي تلائم الأسواق الموجهة إليها.
ونشير إلى إحصاء 40 مؤسسة مصغرة تصدر منتجاتها في مجالات مختلفة، ونطمح الوصول إلى عدد أكبر بتوفير تسهيلات وبيئة أعمال ملائمة.
الفئات المعفاة من تسديد ديون “أونساج” هي: مؤسسة توفي صاحبها، مؤسسة حُجز عتادها من طرف البنوك، مؤسسة تضررت بفعل كوارث طبيعية، منها حرائق الغابات، مؤسسة أصيب صاحبها بعجز بدني أو عقلي بعد ممارسة النشاط .