مع بداية الانسحاب التدريجي للقوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا وتصويت مجلس النواب «البرلمان» على قانون الانتخابات التشريعية، تلاشت خلافات الفرقاء الليبين في العلن وبدأت تنقشع سحبها في سماء المشهد السياسي في انتظار إشارة نهائية لتنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدّد، ريثما تكتمل كل الترتيبات اللازمة، لنجاح استحقاقات ستكون تاريخية ومفصلية في تاريخ ليبيا المعاصر.
بيد أن المخاوف من تأجيل الانتخابات لا تزال سيدة حديث الشارع الليبي والوسط السياسي والمواطن بدرجة أولى، فهو ينتظر أفعالا لا أقوالا تترجم على أرض الواقع النوايا الحسنة لكل الأطراف الرئيسية. لاسيما بعد الحديث عن تأجيل الانتخابات التشريعية إلى شهر ما بعد الرئاسيات، فيما يبدو أنه سيناريو استباقي يتنبأ بفشل الرئيس المنتخب أو تعطيل مهامه ليحلّ محله مجلس النواب!
لكن السلطة التنفيذية الليبية ممثلة في المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية تسعى إلى تصحيح كل الهفوات الممكن تعطيلها للعملية السياسية الجارية، سواء تعلق الأمر بتهيئة الأجواء داخليا أو على المستوى الدولي، حيث أظهر محمدالمنفي وعبد الحميد الدبيبة نوايا حسنة وصادقة لخروج البلاد من الأزمة السياسية في أقرب وقت ممكن وتفادي العودة لمربع الحرب وهو ما يعكس إرادتهما الحثيثة في مواجهة تأجيل الانتخابات عبر مقاربة شاملة ترتكز على المصالحة.
هذه المقاربة، وإن كانت بعض الأطراف الليبية تقلل من أهميتها وترى فيها توجّسا بدأت تنال رضا الشارع الليبي الداعم للسلطة التفيذية بشكل كبير في الآونة الأخيرة، بعد تأكده من صدق نوايا الحكومة والمجلس الرئاسي من خلال تفعيل بند إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية وفق ما نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في أكتوبر 2020، وهو ما بدأ يتحقّق على أرض الواقع كأكبر مؤشر على نجاح العملية السياسية.
من دون شكّ ستتوج استراتيجية الحكومة والمجلس الرئاسي جهود كل الوطنيين الليبيين لإنجاح العملية السياسية، من خلال مؤتمر جامع ينتظره الليبيون نهاية الشهر الجاري في العاصمة طرابلس يعكس الارادة الحقيقية للسلطة التنفيذية المؤقتة في إنهاء فتيل الأزمة السياسية وبدء مرحلة جديدة بقيادة شرعية وموحدة تقود ليبيا إلى عهد جديد.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.