قال ابراهيم غالي الرئيس الصحراوي إن فترة شغور منصب البعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء الغربية قد شهدت “أحداثاً بالغة الخطورة” بسبب مواصلة المغرب لرفضه للعديد من الأسماء المقترحة لشغل المنصب.
وأكد غالي في ندوة صحفية بولاية الشهيد الحافظ على هامش اختتام فعاليات الاحتفالات المخلدة الذكرى الـ46 للوحدة الوطنية بأن الجمهورية الصحراوية قد قبلت بتعيين “دي ميستورا” منذ أفريل الماضي في حين رفضه “الطرف الآخر” طيلة 06 أشهر كاملة كعادته.
وأشار الرئيس الصحراوي أن تعيين المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لا يجب أن يكون هدفاً في حد ذاته، بل أن الهدف المرجو هو استكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية آخر مستعمرة في القارة الافريقية وإنجاز الأمم المتحدة لمأموريتها وفق الاتفاق الوحيد الموقع بين الطرفين والقاضي بتطبيق مخطط التسوية الأممي الإفريقي وتنظيم استفتاء تقرير المصير.
وأكد على أن أهمية المبعوث الشخصي تتأتى من مدى قدرته على قيادة المسار بتنفيذه لتك المأمورية من عدمها، معرباً عن أسفه لتكرار مشهد فشل و استقالات المبعوثين الشخصيين بعد 30 سنة على تواجد الأمم المتحدة في الصحراء الغربية.
وصف غالي المبعوث الشخصي الحالي دي ميستورا بالشخصية الدولية المرموقة ذات السمعة الطيبة و قدرات مشهودة، لكن مبعوثين شخصيين سابقين بوزن عالٍ تعاقبوا على الملف و انتهوا بنفس المصير، فالمشكل –يضيف المتحدث- لا يتعلق بالمبعوثين الشخصيين بل يجب البحث عنه في مكان آخر.
وأوضح بان المسؤولية يتقاسمها مناصفة المغرب بسبب سياسات العرقلة و مجلس الأمن الدولي الذي لم يكن حازماً في فرض تطبيق قرارات الشرعية الدولية و لم يتخذ أية خطوة من أجل إجبار المغرب على تطبيق و احترام التزاماته الدولية.
وأشار الرئيس الصحراوي أن تعيين المبعوث الشخصي الحالي للأمين العام للأمم المتحدة له خصوصياته المتعلقة بالسياق الذي عُيّن فيه، ألا وهو انهيار اتفاق وقف إطلاق النار واستئناف الكفاح المسلح منذ 13 نوفمبر 2020 ،و بالتالي وجود وضعية جديدة مختلفة جملة و تفصيلاً عما قبل ذلك.
قال الرئيس الصحراوي أن هذه الوضعية الجديدة تتطلب تعاملاً جديداً من طرف مجلس الأمن الدولي لتصحيح الخلل الذي أنتج “فشلاً” لمدة 30 سنة، وقاد الى عودة الحرب وعلى ذلك يتوقف نجاحها.
وأوضح أن “الاجتماع المرتقب لمجلس الأمن الدولي لا يجب أن يكون اجتماعاً عادياً لأن الوضع لم يعد عادياً”، وينبغي على مجلس الأمن أن يكون واعياً بخطورة الوضع في الميدان.
وأضاف أن المقاربة التي كان يتبناها مجلس الأمن طيلة العقدين الأخيرين تتأسس حول تسيير النزاع بدلاً من حله، تلك المقاربة استغلها المغرب لتحييد المسار عن سكّته الأصلية وغذّت في الرباط روح الغطرسة والتعنت والاحساس بالانفلات من العقاب وهو ما شجعه على نسف اتفاق وقف إطلاق النار بكل وقاحة و بالتالي انتاج الوضعية الحالية.
تقاعس مجلس الأمن الدولي و الأمانة العامة قاد الى منزلق حاد
أوضح الرئيس الصحراوي أن توقع العودة للمربع الأول يعتبر خطأ جسيم و سوء تقدير شديد، و أن الصحراويين مستعدون للتفاوض و يتطلعون للسلام العادل الدائم و هم أكثر المستفيدين من ذلك و المتضررين من الحرب في الوقت ذاته لكن استعداد الصحراويين للتضحية بكل غالٍ و نفيس من أجل فرض احترام إرادة شعبنا و تمكينه من حقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره و الاستقلال لا يضاهيه شيئ.
ودعا غالي مجلس الأمن الى تحمل مسؤولياته كاملة، فالمشكل لم يكن في النزاع و لا في طبيعة النزاع و لا في المبعوثين الشخصيين، بل في تقاعس مجلس الأمن الدولي و الأمانة العامة لأمم المتحدة عن تحمل مسؤولياتهم، و هو ما قاد الى منزلق حاد، و لابد لمجلس الأمن من تحديد أسباب العرقلة و الطرف المعرقل و الدفع نحو إيجاد الحل.
وأعرب الرئيس الصحراوي عن أمله في أن يحمل قرار مجلس الأمن المرتقب بصمة الوضعية الجديدة، وأن يأخذ بعين الاعتبار الأخطار الحقيقية التي باتت تحدق بالمنطقة بسبب التعنت المغربي الذي يجر المنطقة الى أتون مواجهة لا تحمد عقباها، مؤكدا في الوقت ذاته بأن إصدار القرارات بلغة “هلامية” هو ما قاد الى الوضعية الحالية.
وأكد إبراهيم غالي أنه بحكم الوضعية الجديدة و حالة الحرب و التوتر في المنطقة فإن قرار مجلس الأمن الدولي لن يكون مجدياً مالم يتضمن تحديد مأمورية واضحة للمبعوث الشخصي و مهمته المحددة أصلاًّ ألا و هي استكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية و تنظيم استفتاء عادل و نزيه، بالإضافة الى تحدي جدول زمني محدد لعملية التطبيق، فلا أحد مستعد لقبول جدول مفتوح قد يمتد الى 30 سنة أخرى، إعطاء ضمانات قوية من مجلس الأمن لتشجيع الطرفين على الانخراط في العملية، و ما عدا ذلك فنحن نعيد وصفة 30 سنة من الفشل و عقلية تسيير النزاع بدل حلّه و تكريس الامر الواقع الذي ليس سوى تكريساً للاحتلال يقول الرئيس الصحراوي.
وجدّد الرئيس الصحراوي القول بأن وقف اطلاق النار الموقع عليه من الطرفين يندرج ضمن خطة أممية افريقية متكاملة بمصادقة مجلس الأمن تقضي بتنظيم استفتاء لتقرير المصير باعتباره الجوهر و الهدف الرئيسي لمخطط التسوية الأصلي، غير أن استمرار العرقلة المغربية طيلة 30 سنة اختزلت مسار التسوية في وقف إطلاق النار فقط، و تحولت المينورسو من بعثة لتنظيم الاستفتاء الى مجرد مراقبين لوقف إطلاق النار الذي تحول هو الآخر الى أداة بيد الاحتلال المغربي لتكريس الأمر الواقع و فرضه، و تحول وقف إطلاق النار من عامل في تسهيل تنظيم الاستفتاء الى عامل في تأجيل الحل العادل.
وقف إطلاق النار نتيجة حتمية لغطرسة الاحتلال وتقاعس مجلس الأمن الدولي
وقال غالي أن لا احد أخذ الامر و تحذيرات الجبهة على محمل الجد، بل تم إرسال إشارات سيئة للمغرب شجعته على المضي قدماً في تحدي الجميع و أدى الى نسف اتفاق وقف إطلاق النار يوم 13 نوفمبر من خلال مهاجمة المدنيين الصحراويين في الثغرة غير القانونية و احتلال أجزاء جديدة من التراب الصحراوي و توسيع الجدار العسكري المغربي، مؤكداً بأن الحرب ليست خياراً بالنسبة للصحراويين، و لم تكن قط هدفاً من أهداف الشعب الصحراوي الذي لم يعتدي على جار مهما كانت الظروف، فالحرب فرضت على الصحراويين بتاريخ 13 نوفمبر الماضي كما فرضت عليهم إبان الغزو المغربي لأراضيه سنة 1975 ، و سيستمر في خوض الحرب في إطار حق الدفاع عن النفس و في إطار القانون الدولي لأن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب حركة تحرير دولة، تدافع عن حق شعبها في الوجود و الحرية و الاستقلال و التمتع بوطنه، و ستواصل خوضها حتى زوال الأسباب التي أدت لها و هي احتلال النظام المغربي التوسعي الظالم لأجزاء من وطننا، مشيراً في ذات الوقت الى عدم وجود أي تناقض ما بين التفاوض و الكفاح المسلح.
وعرّج الرئيس الصحراوي الى موضوع قطع العلاقات الديبلوماسية بين الجزائر و المغرب، معتبراً المسألة شأن ثنائي بين دولتين، مؤكداً بأن نزاع الصحراء الغربية حاضرا في الملف من خلال تملص المغرب من التزاماته فيما يتعلق بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية الذي خلق جواً من التوتر في المنطقة منذ 1975 الى اليوم.
وطالب الرئيس الصحراوي من الاتحاد الاوربي بشكل فردي و جماعي عن الامتناع عن مواصلة تحدي قرارات العدالة الأوربية من أجل خدمة أجندة ضيقة مع المملكة المغربية على حساب الشرعية و القانون و العدالة و على حساب شعوب المنطقة، تلك المحاباة –يضيف غالي- كان لها دور كبير في تغذية التعنت المغربي و ساهمت في إعطاء الرباط انطباعاً بوجودها فوق القانون وبالتالي امكانية قيامها باي شيئ دون الخوف من العقاب و فرنسا و اسبانيا تتحملان مسؤولية خاصة بهذا الصدد و كل التبعات وراء ذلك.