حوّل الارتفاع الكبير في أسعار الخضر والفواكه ومواد غذائية عامة واقع جزائريين في الفترة الأخيرة، إلى كابوس مزعج، في وقت تسارع فيه السلطات الزمن لكبح انهيار القدرة الشرائية.
أقر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إجراءات عديدة تساهم في الحفاظ على القدرة الشرائية، منها ما أمر به يوم 3 أكتوبر الجاري، عن ضرورة رفع النقطة الاستدلالية في الوظيف العمومي وتخفيض الضريبة على الدخل الاجمالي.
ويتوقع أستاذ علوم الاقتصاد، في جامعة عين تيمونشت، كمال سي محمد، ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية بشكل أكبر عند اعتماد الإجراءات التي أمر بها الرئيس تبون في اجتماع مجلس الوزراء ما قبل الأخير.
وأوضح سي محمد، في اتصال هاتفي مع “الشعب أونلاين”، أن زيادة الأجور والرواتب بعد تخفيض ضريبة الدخل وزيادة النقطة الاستدلالية في الوظيف العمومي، ستساهم في زيادة الأسعار أكثر وبنفس الفارق الذي نعيشه حاليا.
وأضاف: “القدرة الشرائية منهارة. اعتقد أنها ستبقى كذلك لأن الأسعار ارتفعت بشكل جنوني وأرى أنها سترتفع أكثر وأكثر”.
تضخم في نصاب الزكاة!
من جانبه، أوضح أستاذ علوم الاقتصاد، عمر هارون، في اتصال هاتفي مع “الشعب أونلاين”، أن الأجور في الجزائر لم تتغير منذ سنة 2010، حيث أن “التضخم من تلك المرحلة إلى اليوم ارتفع بشكل كبير جدا”.
وقدم هارون مثالا بنصاب الزكاة، بقوله: ” نصاب الزكاة سنة 2010 كان في حدود 33 مليون وخمسمائة الف سنتيم. في السنة الجارية بلغ 73 مليون مئة ألف سنتيم ومنه فنسبة التضخم الحقيقي ارتفعت بما يفوق 100 بالمئة”.
وأضاف: ” رفع النقطة الاستدلالية هذه السنة مع إعادة النظر في أجور العمال سيغطي فقط حجم التضخم وتراجع القدرة الشرائية التي فقدتها الأجور خلال العشرية الماضية”.
وقال الخبير الاقتصادي إنه إذا تم رفع الدعم عن الأجور في نفس المرحلة وتحويلها لأموال عينية للفئات المؤهلة يستدعي أن يكون الإجراء من الفئات المؤهلة التي يجب أن تمسها الزيادات النقدية التي ستتحول من إعانات موجهة للمنتجين الى المستهلكين النهائيين”.
ارتفاع في أسعار السلع
ويرى عمر هارون، أن رفع الدعم عن المواد الأساسية الواردة في المادة 187 من مشروع قانون المالية لسنة 2020، سيؤدي الى ارتفاع أسعار مختلف السلع وهذا ما سينجر عنه ارتفاع في أسعار الخدمات.
إضافة إلى “هامش الأرباح التي يعتمدها الأجراء خلال المرحلة القادمة نظرا لعدم قدرتهم على المحافظة على مستوى المعيشي الذي هم فيه”.
وأكد المتحدث أن الاقتصاد الوطني، سيدخل مرحلة إيجاد توازنات جديدة قد ترتفع فيها الأسعار بشكل مفرط يضر بالمواطنين، خاصة وأن “ٱليات ضبط مختلف القطاعات تبقى محدودة الجدوى، لأن حوالي 60 بالمئة من الاقتصاد الوطني في القطاع غير الرسمي وهو الأمر الذي أكده رئيس الجمهورية بتقديم لتقدير القطاع غير الرسمي في حدود 10000 مليار دينار.
وواصل: ” لعل موجة رفع الأسعار الأخيرة والندرة التي حصلت مؤخرا دليل على ذلك، وما جعل رئيس الجمهورية يوجه بوضع نصوص قانونية رادعة للعملية، وبالتأكيد ستظهر أسباب أخرى مع الوقت تحتاج لحزم هي الأخرى لكنها ستؤثر على العملية”.
ودعا الأستاذ عمر هارون، إلى تأخير عملية رفع الدعم حتى يتم تحضير المجتمع لهذه العملية من خلال دراسات معمقة وطرح الموضوع للنقاش على مختلف المستويات، ما يمكن من “التحكم أكثر في العملية”.
وأشار الخبير إلى إمكانية اللجوء لنزع الدعم بشكل جزئي على بعض القطاعات أو المواد بشكل محدود للفهم كيف سيكون التجاوب مع العملية من أجل تحضير كل السيناريوهات في حالة رفع الدعم بشكل كلي وهو الإجراء الأكثر عقلانية في المرحلة الحالية.