بدّد المؤتمر الوزاري الدولي لدعم استقرار ليبيا مخاوف انهيار اتفاق وقف إطلاق النار وعودة ليبيا للمربع الأول، من خلال رسائل واضحة ومشفرة أبان عنها المؤتمر، الذي شكل خطوة تاريخية فارقة تحسب لحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي اللذين تمكنا، في ظرف أشهر قليلة، من تحقيق إجماع داخلي ودولي حول مسار العملية السياسية المتبناة.
ففي مشهد سياسي لم تعرفه ليبيا، منذ عقد من الزمن، تحوّلت العاصمة طرابلس إلى محج لرؤساء الدبلوماسية الدولية ممّن شاركوا في المؤتمر الوزاري الأول من نوعه، خلال العشرية الأخيرة، دعما لمبادرة استقرار البلاد وإنهاء آخر فصل من فصول الأزمة الأمنية والسياسية، سيكون عبر تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المحدد لارتباطه برمزية تاريخية تصادف تاريخ استقلال ليبيا.
بيد أنّ خيار تنظيم الانتخابات لا تزال تحوم حوله بعض الشكوك لدى الشارع الليبي، الذي عانى كثيرا من طريق طويل من المؤتمرات والعنف بسبب انقسامات داخلية حادة لا زالت تخيّم على المشهد السياسي، بالرغم من فتورها في الآونة الأخيرة وتراجع مؤشراتها بما فيها حدة تصريحات كلامية.
لكن مؤشرات إجماع الدول الكبرى على استقرار ليبيا تميل الكفة لصالح إنهاء المرحلة الراهنة، خاصة بعد الاتفاق على إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، وفق خارطة طريق أقرتها اللجنة العسكرية الليبية» 5+5» تم بموجبها إحداث مناخ إيجابي لاستمرار العملية السياسية بقيادة حكومة الوحدة والمجلس الرئاسي.
وفضلا عن اتفاق اللجنة العسكرية لدعم الاستقرار، أبانت حكومة الوحدة عن الخطوط العريضة لضمان نجاح تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها بعد ورود مزاعم سابقة تحدثت عن عدم استعداد عبد الحميد الدبيبة للانتخابات في التوقيت المحدد، لكن أفعال الحكومة على أرض الواقع عكست أقوالها الصادقة منذ توليها السلطة التنفيذية وبددت بشكل قاطع نيتها في التخلي عن الموعد المتفق عليه لتحقيق إرادة الشعب الليبي.
ويبقى الضامن الوحيد لتنظيم الانتخابات الليبية هو التوافق التام بين الفرقاء على مرحلة ما قبل الاستحقاقات وما بعدها، بما فيها أساسا قبول النتائج، على الرغم من أنّ نجاح المؤتمر الوزاري الدولي يمثل أكبر إشارة قوية على مثول جميع الأطراف الليبية لخيار الاستقرار الدائم.