الإقتصاد العالمي متعطّش والمنتجون متحمّسون والآلة الصناعية بدأت تتحرك في المنحى الصّحيح، للعودة إلى مستويات تفوق تدفّقات ما قبل الجائحة وتعويض خسائر كبيرة وتوقف إجباري طويل، لذا أسعار النفط ستحافظ على متانة قوية وستستمر في الارتفاع بثقة، لكن من السابق للأوان التوقّع بحدود سقفها بفعل قسوة أزمة الطاقة التي تعصف بأوروبا ومسّت آسيا، في ظل الضغط الكبير المفروض على الإمدادات العالمية المتأثرة في نقص بمخزونات النفط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وأمريكا.
أزمة الطّاقة العالمية المشتعلة على أعتاب فصل الشتاء، ستكون طويلة وشديدة الوطء والتأثير على المستهلكين، لذا يرشّح أن تفتح شهية المستثمرين في قطاع الطاقة وترفع من سقف طموحاتهم، بل وستجعلهم يرمون بكل ثقلهم لتسريع وتيرة تدفق النفط والغاز، على خلفية أن أزمة الطاقة الراهنة ستعزز الطلب على الثروة السوداء السائلة بما لا يقل عن 500 ألف برميل يوميا، ولن تنتهي مع حلول فصل الربيع المقبل، في وقت عاد فيه قطاع الطيران من بعيد أي متحررا من ترسبات الجائحة، مدعوما بضمانات التطعيم، وإصرار العالم على تجاهل ذروة الموجات التي تفرضها تحورات الفيروس وبالتالي السير نحو الأمام لتعويض الخسائر، واستعادة الحياة الطبيعية التي عهدها البشر قبل الجائحة.
اطمئنان كبير يخيم على رؤية المنتجين العميقة، لأن خطر انهيار الأسعار وهاجس التذبذب وتهديدات التدفق المفاجئ المغرق للعرض، بات تحت السيطرة، لأنّ «أوبك+» تسير وفق إستراتجية يقظة تسمح لها بمراقبة وضعية السوق بدقة وفوق ذلك مصرة على توخي الحذر، لاستدراك أي سيناريو مفاجئ أو مؤشرات طارئة مربكة، ومقتنعة أن الأسعار ستبقى متينة والعرض في مأمن ولن تتعرّض المكاسب إلى الكبح، على اعتبار أنّ الطلب على النفط تلقى دعما قويا بعد أن صار بديلا للغاز عقب الارتفاع القياسي اللافت في أسعار الغاز الطبيعي، وهذا ما أرغم المستهلكين على التحول إلى زيت الوقود والديزل لتوليد الطاقة لمواجهة الطقس البارد على مستوى نصف الكرة الشمالي. خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي، سواء تعلق الأمر بالصين أو ألمانيا، وأرجع هذا التشاؤم إلى اضطرابات جدية في الإمدادات، فهل فعلا ستواصل الأسعار مسارها القوي، ولن تقل عن عتبة 80 دولارا للبرميل في 2022؟
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.