المتابع للمنظومات الاقتصادية العالمية، يتأكد يقينا بأن لا تطور للاقتصاد ولا للتصدير من دون إطلاق صناعة حقيقية ومنتجة تواكب التحولات العالمية ومتطلبات السوق، مع دمج المعارف التقنية والتكنولوجية بالقواعد التجارية والعلمية السائدة في هذا العصر.
وذكر، في هذا السياق، الباحث الاقتصادي العراقي، الدكتور أحمد ابريهي، في كتابه “ التصنيع والتحولات الاقتصادية الكبرى”، بأنّ التصنيع هو مركز التحولات الاقتصادية الكبرى في العالم المعاصر، باعتبار التنمية الاقتصادية والتصنيع وجهان لعملة واحدة، ليخلص إلى أنّ الاقتصاد المعاصر نتاج التصنيع الذي مكن البشرية من حضارة هذا الزمن، وبه بلغت دول غرب أوروبا وشمال أمريكا، وأخرى من آسيا، تلك المستويات العالية من التقدم التقني والرخاء.
وفي ذات الصدد، إنّ أهم قطاع يدعم التشغيل في مختلف الاقتصاديات الكبرى يُعد القطاع الصناعي بلا منازع، فهو يوظف في ألمانيا حوالي 6 مليون عامل، ما يضاهي عدد سكان الدانمارك أو سنغافورة، أما في أمريكا فيبلغ عدد العاملين في الصناعة حوالي 32 مليون عامل، إندونيسيا 15 مليون شخص، فيما تبلغ نسبة التشغيل بالصين 28.62 بالمائة من القوى العاملة، البالغة حوالي 807 مليون عامل.
الأهم من كل هذا أنّ أكثر القطاعات التي تُحفز الاقتصاد هي الصناعة، من خلال الصادرات كما هول الحال في اندونيسيا، حيث تمثل صادرات الصناعة 66 بالمائة من نسبة الصادرات الكلية للبلاد.
لذلك تبقى الصناعة أحد المحاور التي يرتكز عليها مسار الإنعاش الاقتصادي في بلادنا لما يوفره من مساحة لإنتاج القيمة المضافة مصدرها مورد بشري مؤهل، موازاة مع توجه حاسم لإرساء نموذج اقتصادي متنوع غير مرتبط عضويا بالمحروقات، يرتكز على بنية جامعية متنوعة ينبغي أن تساهم في تقديم حلول ذكية تستمد من حقل العلوم والمعارف، باعتباره البيئة المناسبة للذكاء الاصطناعي.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.