تفاوتت الميزانية المقترحة لسنة 2022، بين الزّيادة والثّبات وحتى النّقصان لدى مختلف الهيئات الدستورية والقطاعات الوزارية، وصبّت أغلب الزّيادات في تغطية الأعباء والتكاليف المرتبطة بكتلة الأجور، وارتفاع مساهمات الدولة في المؤسّسات العمومية الإستراتيجية كالديوان الوطني للحليب وديوان الحبوب.
تضمّن مشروع ميزانية الدولة لسنة 2022، الذي تحوز “الشعب” على نسخة منه، تفاوتا في ميزانيات التسيير لمختلف الوزارات والمؤسّسات الرسمية.
وبرز جليا حجم الأعباء المالية التي ستتحمّلها الدولة العام المقبل، نتيجة تقلّبات سعر صرف الدينار مقارنة بالدولار الأمريكي، وانخفاض عائدات الجباية البترولية لتمويل عجز الخزينة وتدني النشاط الاقتصادي جرّاء تفشي جائحة كورونا سنتي 2020 و2021.
وتقترح الوثيقة التي أحيلت للمجلس الشّعبي الوطني، زيادة في التّخصيص الموجّه لأعباء الدين الداخلي، بنسبة 31.08 بالمائة، أي بـ 34.9 مليار دج، مقارنة بالاعتماد المصادق عليه في قانون المالية التكميلي 2021. وفسّر هذا “الارتفاع بمراجعة اللجوء إلى الدين الداخلي نتيجة للمستوى الكبير للإيرادات الضائعة جرّاء الآثار المشتركة لانخفاض أسعار البترول والركود الاقتصادي الناجم عن تفشي فيروس كورونا”.
ويؤكّد رفع اللجوء إلى الدين الداخلي، ثبات الحكومة على قرار رفض اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، حماية لسيادة القرار الوطني. وكان البنك الدولي، قد أشاد بقدرة الجزائر على الصّمود في مواجهة التبعات المالية المدمرة لانتشار جائحة كورونا على الاقتصادات العالمية، بالشكل الذي جعلها في منأى عن الاقتراض الخارجي أو اللجوء إلى صندوق النقد الدولي.
واعتمد مشروع قانون ميزانية 2022، بشكل أساسي على الاعتمادات المصادق عليها من قبل البرلمان في قانون المالية التكميلي لسنة 2021، كمرجعية في مقارنة التّخصيصات المالية للسنة المقبلة. وفي السياق، تشير الوثيقة إلى أنّ ميزانية التسيير لرئاسة الجمهورية، تسجّل زيادة بنسبة 57 بالمائة، ما يناهز 15.2 مليار دج.
وتبرّر الزّيادة بالتكفل بالأعباء المالية المرتبطة بمراجعة النّظام التعويضي للموارد البشرية، وتغطية مصاريف المؤسّسات التي تقع تحت وصايتها وتعتزم تكثيف أنشطتها.
وتسجّل ميزانية مصالح الوزارة الأولى، زيادة طفيفة لا تتجاوز 1.17 بالمائة، (4.5 مليار دج)، وتوجّه أساسا لتغطية تكاليف الموارد البشرية وتجهيز بعض الوزارة المنتدبة، فيما ترتفع ميزانية وزارة الدفاع بنسبة 5 بالمائة، ستغطّي نفقات الأجور والتّكاليف الاجتماعية.
وتسجّل ميزانية تسيير وزارة الخارجية، زيادة طفيفة هي الأخرى لا تتعدّى 4.79 بالمائة، فيما لا تتجاوز الزّيادة في ميزانية وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتّهيئة العمرانية 0.73 بالمائة (585.3 مليار دج).
وقلصت الوزارة على غرار بعض الوزارات الأخرى الاعتمادات المخصّصة للإدارة المركزية واللامركزية والمديريات الكبرى، تحت مبرّر إعادة مراجعة وضبط التكاليف الحقيقة أو تقليص وترشيد النفقات امتثالا لتعليمات السلطات العمومية.
وستعرف وزارة العدل، زيادة بنسبة 11 بالمائة، وتمثل إجمالا الأعباء المالية المدرجة لتغطية النظام التعويضي للقضاة، والذي سبق وأن فجّر أزمة كبيرة بين النقابة الوطنية للقضاة والوصاية، ووصل الأمر إلى شل العمل القضائي في سابقة كانت الأولى من نوعها سنة 2019.
وتقدّر المخصّصات المالية المدرجة في هذا الإطار 8.3 مليار دج، لتؤكّد بذلك، استجابة السلطات العمومية، لمطالب القضاة والتكفل بمسارهم المهني والاجتماعي، والذي طالما شكّل الحبل المترهّل في سلك القضاء.
وتتجلّى التبعات المالية التي ستتحمّلها الخزينة العمومية جرّاء تراجع قيمة الدينار مقارنة بالدولار في ميزانية وزارة الطاقة والمناجم، والتي استطاعت تقليص التكاليف المخصّصة لمواردها البشرية، غير أنّها ستسجّل زيادة بـ 23.34 بالمائة لتغطية أنشطتها الدولية، وهي عبارة عن مساهمات في الهيئات الدولية غير الحكومية، اعتمادا على سعر صرف 140 دج مقابل 1 دولار أمريكي.
ارتفاع مساهمات الدولة
تتصدّر وزارتا الفلاحة والتنمية الريفية والموارد المائية والأمن المائي، قائمة القطاعات التي ستعرف زيادة بأزيد من 50 بالمائة في ميزانياتها، جرّاء تدخّل الدولة بمساهمات ضخمة في مؤسسات عمومية استراتيجية.
وتبرّر وزارة الفلاحة الزيادة بـ 52.12 بالمائة، نظرا للمبالغ الإضافية، والتي تقدر بـ 85.7 مليار دج مخصّص كمساهمة للديوان الجزائري المهني للحبوب و30.5 مليار دج كمساهمة للديوان الوطني للحليب.
فيما ستذهب الزّيادة (52.68 بالمائة) في ميزانية وزارة الموارد المائية لدعم النشاط الاقتصادي والتدخلات لصالح المؤسسات العمومية التابعة، لمساعدتها على تخطي العجز المالي المتكرّر (الجزائرية للمياه، الوكالة الوطنية للسدود، الديوان الوطني للتطهير والوكالة الوطنية للسقي والتطهير).