يقول مالك بن نبي أن «الاستعمار لا يستطيع فعلاً أن يترك بلا قيد أو شرط بلداً كان يستعمره ولا أن يغادر هكذا بكل بساطة تاركا ورائه المكان للاستقلال الجديد».
فرضية تحاكي السلوك الفرنسي ونظرتها للدول الافريقية بعد تحرّرها من نير الاستعمار، حيث ترفض باريس أي استقلالية تامة لتلك الدول عنها، وكانت ولازالت تتعامل معها بمنطق الوصاية والمستعمر القديم في ثوب جديد.
فرنسا التي ترفض التدخل الروسي في مالي بالرغم من أن صناع القرار في هذا البلد الافريقي هم من طلبوا ذلك وهذا شأن داخلي يخصهم، مازالت ترى في مالي «حديقتها الخلفية» ومنطقة نفوذ لا يمكن المساس بها.
منذ اندلاع أزمة شمال مالي سنة 1963 تدخلت فرنسا بطرق شتى، آخرها التدخل العسكري سنة 2013 بذريعة محاربة الإرهاب، والذي ازداد نشاطه بشكل كبير بعد التدخل العسكري غير مدروس العواقب لفرنسا وحلفائها في ليبيا سنة 2011، ففي تسريب لموقع ويكيليكس لوثيقة بريد إلكتروني تخص وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون سنة 2016، توضح الأسباب الفرنسية وراء العدوان على ليبيا قاده ساركوزي في ذلك الوقت، وهي السيطرة على النفط الليبي.
أدت فوضى السلاح في ليبيا دورا كبيرا في سقوط شمال مالي في يد المتمردين والجماعات الإرهابية، وعرقلة كل الجهود الجزائرية السابقة المبذولة لتحقيق سلام دائم في مالي، علما أن الجزائر لم تتخلى يوما عن التزاماتها في مالي وموقفها ثابت ودائم من النزاع مع التأكيد على الحلول السياسية ورفض التدخلات العسكرية التي أثبتت التجارب السابقة أنها لا تحل النزاعات بل تعقدها، وأحسن مثال الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بعد 20 سنة من التدخل.
ما قامت به فرنسا ومازالت تجاه الدول الأفريقية، هو استعمار جديد ترفضه كل شعوب القارة، وعليها أن تعي أن الوقت حان لفتح صفحة جديدة، وتقديم اعتذار عما قامت به خلال الحقبة الاستعمارية ليس للجزائر فقط بل لكل الشعوب الإفريقية.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.