استبشرنا خيرا بالتراجع المحسوس في عدد الإصابات بفيروس كورونا، لكن يزداد القلق يوما بعد يوم من احتمال «موجة رابعة» تُجهل نوعية وخطورة المتحور الجديد الذي يدفعها، موازاة مع التسيّب واللامبالاة والتخلي شبه كلي عن الإجراءات الوقائية.
لوحظ، منذ بداية الجائحة وتسلل الفيروس القاتل إلى الجزائر، أنّ الجزائريين مزاجيين في التعامل مع الوباء، عندما ترتفع عدد الإصابات والوفيات على وجه التحديد، يسارع الجميع لاقتناء المحلول الكحولي مع ارتداء الكمامة، وقد شاهدت أشخاص يرتدون كمامة وهم وحدهم في السيارة أو يسيرون في الطريق، بعد أن بلغت درجة الخوف ذروتها وارتفع معها الأدرينالين، وهو السلوك الذي تحكمت فيه الأرقام حول الوضعية الوبائية في الجزائر، ويحدث العكس إذا انخفض المنحنى البياني لحالات الإصابة، كما هو الوضع حاليا.
الظاهر أنّ الكلام والتصريحات والتحسيس لا يكفي لوحده، بل يحتاج إلى أرقام صادمة وصور مروّعة عن حالات الإصابة والوفاة، بالرغم من أنّ البعض يرفض هذه الطريقة في نشر المعلومة، بدليل أنك إذا سألت شخصا عن سبب عدم وضعه الكمامة أو عن التزاحم في الحافلات أو أمام مركز البريد ….وغيره، يجيبك أنّ الأرقام في تنازل، بمعنى أنّ الخطر بالنسبة إليه قد زال، وبالتالي فهو الآن يريد أن يعيش كما كان قبل الجائحة.
بذلك، أصبح الرقم يحدّد سلوك المواطن، كما أنّ فتح الفضاءات الكبرى والمطاعم وغيرها أكدت أنّ الوضع متحكم فيه ولا شيء يدعو للقلق، يحدث ذلك في الوقت التي تشهد الدول الأوروبية بوادر موجة رابعة، على غرار ألمانيا التي تسجل عشرات الآلاف من الإصابة الجديدة، يوميا.
وأمام هذا الوضع، ألا يجدر بالجهات المعنية العمل والإسراع في وضع استراتيجية جديدة في مجال التحسيس والتوعية، تحسبا لموجة جديدة من الوباء، لتنمي في المواطن ثقافة الوقاية والمسؤولية والحس المدني، التي ما تزال غائبة وهي من عوامل المناعة أيضا.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.