أكّد مجلس الأمن الدولي أنّه بعيد كل البعد عن الأمر الواقع في النزاع الصحراوي بين البوليساريو والاحتلال المغربي، وأبان قراره الأخير حول الصّحراء الغربية عن تصدّع حقيقي داخل هياكله وهياكل المنظمة الأممية بأكملها، وهو ما تجلى في القفز على الشرعية الدولية من خلال تمديد ولاية مهمة بعثة المينورسو، رغم تصاعد التوتر بين طرفي النزاع منذ خرق الرباط لاتفاق وقف إطلاق النار العام الماضي.
وبقراره، يكون مجلس الأمن قد وضع المبعوث الأممي الجديد إلى الصحراء الغربية ستيفان دي مستورا، وكذا البعثة الأممية أمام تحديات صعبة قد تجعل من مهمتهم شبه مستحيلة في ظل واقع النزاع الجديد، لاسيما وأن المجلس دعا إلى استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة، كما شدّد على مراقبة وضع حقوق الإنسان في المناطق الصحراوية المحتلة ومخيمات اللاجئين الصحراويين.
بعد جولة نقاش طويلة بين أعضاء المجلس، أدت إلى تأجيل إصدار القرار السنوي عن موعده المعتاد، بسبب خلافات عميقة حول بنود في التقرير كانت روسيا قد اعترضت عليها كونها لا تستجيب لتطلّعات تسوية النزاع، لكن مجلس الأمن قفز في نهاية المطاف على تلك المطالب دون التعمق في التطورات الحاصلة.
هذه الخطوة تؤكّد استمرار العقلية القديمة في إدارة النزاع بدل تسويته، دون الاكتراث للنتائج الوخيمة التي قد تترتب عن استمرار التوتر على طول الجدار العازل، وإن كان ستفان دي مستورا سيصب كل جهوده على العودة لاتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن مهمته لن تكون سهلة عقب ألغام زرعت في مسار التسوية بتغيرات جديدة لم يشهدها الملف الصحراوي منذ هدنة 1991.
ومن دون شك أنّ المينورسو ستعمل على عسكرة النزاع وليس بحث آليات حماية اتفاق وقف إطلاق النار، لأن ذلك أصبح من الماضي، والأمم المتحدة نفسها اعترفت بذلك من خلال تقرير غوتيريش، وبالتالي ستعمل المينورسو على تفادي تصاعد مناوشات جديدة، غير أنّها ستصطدم بخيارات البوليساريو الجديدة مع تنامي شبح مواجهة عسكرية في المنطقة، وكل المؤشرات تؤكد ذلك لأن النزاع دخل أخطر مرحلة في تاريخه ما دام مجلس الأمن قد ضيّع فرصة الأمل الأخيرة لنجاح العملية السياسية.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.