في محطة بارزة مثل ذكرى اندلاع ثورة التحرير، لا يمكن الاختلاف حول المرجعية التاريخية بقدر ما ينبغي الاستلهام منها لتعزيز مناعة الذاكرة، القاسم المشترك بين الجزائريين عبر الأجيال وصمام أمان في مواجهة تحديات لا تنتهي، أبرزها الحفاظ على السيادة الوطنية، إرث الآباء المؤسسين للدولة الجزائرية الحديثة، من حقهم علينا، اليوم، تذكر تلك التضحيات الجسام وكم كانوا على درجة عالية من الوفاء والإخلاص، لم يقايضوا ولم يستسلموا ولم ينكسروا أمام جبروت الاستعمار الفرنسي الملطخ بجرائم إبادة وضد الإنسانية، تبقى وصمة عار في سجل بلد “الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
سواء طلبوا الاعتذار أو اعترفوا بما اقترفه أسلافهم من جرائم يندى لها جبين الإنسانية فاقت في عنفها وبشاعتها ما ارتكبته النازية، فإنّ ما تركه جيل نوفمبر للأجيال الجديدة المتعاقبة من رصيد مكتوب بدماء زكية، خير رد على بقايا الكولونيالية، وأحفاد الاستدمار، لذلك من الواجب أن نقف جميعا وقفة عرفان للسلف الذي حمل على عاتقه واجب تحرير الأرض وانتشال الإنسان الجزائري من دوامة استعمار استيطاني أتى على الأخضر واليابس، من خلال مخططات للنهب المقنّن والتقتيل الممنهج، لا تزال آثار جرائمه إلى اليوم، آخرها إعادة دفن رفات لعدد من الشهداء البواسل بوهران.
من واجبنا أن نبجّل الشهداء عبر مختلف أشكال الوفاء والإخلاص للوطن، بنقل تلك المبادئ والقيم التي حررت البلاد وأعادت المواطن إلى مركزه الطبيعي صاحب السيادة، والسير عليها قناعة بأنّها من تساهم في حلّ كثير من المعضلات والأزمات التي تعيق الاقتصاد وترهق يوميات المواطن، وذلك بوضع المصلحة العامة والوطنية في الصدارة، بكل ما تتطلبه من بذل للجهد وبعض التضحية مع نبذ للأنانية، اقتداء بأولئك الأبطال، الذين باعوا كل شيء ورفضوا أيّ مقايضة من أجل الجزائر، الوطن والإنسان.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.