لم يعد من الممكن الحكم نهائيا على موعد تنظيم الانتخابات الليبية في موعدها المحدّد 24 ديسمبر المقبل، في ظلّ الوضع الراهن الذي يترجمه مشهد سياسي متقلب بين عشية وضحاها، يوحي بما لا يدع مجالا للشكّ أن الاستحقاقات لم تعد هي هاجس استقرار ليبيا الوحيد بالنظر لتشابك المصالح وتعدّد مخرجات وتوجهات الأطراف الرئيسية.
من الجهة القانونية لا تزال الرؤية ضبابية بخصوص قانون الانتخابات وآليات التصويت التي تثار حولها الخلافات بين الأقطاب الرئيسية للازمة. واستمرار الجدل فيما يتعلّق بإعداد قوانين الانتخاب طبقا للاتفاق السياسي، مؤشر واضحا على وجود خلافات وهو ما لا يظهر بشكل كبير للعلن.
وما يزيد من فرضية احتمال تأجيل الانتخابات الرئاسية هو غياب رؤية شاملة، حيث إن بعض الأطراف ترى أن قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، اللذين أصدرتهما «رئاسة» مجلس النواب، لم يتما وفق أسس سليمة، ولم يتم الاتفاق بشأنهما، وأن إجراء الانتخابات على أساسهما سيؤدي إلى الطعن فيهما.
حكومة الوحدة الوطنية الملتزمة بتنظيم الانتخابات في موعدها باعتبار ذلك وعد قطعته على نفسها قبل توليها زمام المبادرة مع المجلس الرئاسي، ترى أن أكبر هاجس هو لما بعد الانتخابات ويكمن بالضبط في التسليم بنتائجها.
هذا التخوّف إشارة إلى أن الخلافات قد تتصاعد بعد تنظيم الاستحقاقات في حال تنظيمها دون إحداث توافق شامل بين مختلف الأطراف الرئيسية. وهو ما جعل عبد الحميد الدبيبة يركز كل جهوده على تهيئة الأجواء السياسية وخفض مستوى الاحتقان السياسي قبل أي خطوة تخطوها ليبيا نحو إنهاء الأزمة، لأن السلطة التنفيذية أكدت أن المصالحة هي طريق التوافق والأخير طريق إنهاء الأزمة السياسية نهائيا.
يبدو أن طريق ليبيا نحو الانتخابات في ظلّ كل هذه المؤشرات مازال صعبا ما لم تتحقق مصالحة شاملة تعيد الثقة إلى المواطن الليبي أولا، ثم التوافق على كل مرحلة، لأن التوافق يبقى صمام الأمان الوحيد لاستقرار ليبيا بالحفاظ على الهدنة.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق