عندما ترى سلوك الجزائريين في الأماكن العامة، ووسائل النقل العامة، هذه الأيام، تقول في نفسك: لقد قضينا على كورونا ولم يبق منها غير أرقام زهيدة تترجمها قبور نُثر عليها شيء من الجير، قبل دفن فلان أو علان من ضحايا الفيروس التاجي، الذي يُرعب من يسكنون النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ولا يحرك شعرة لدى قوم “أسكت برك خليها على الله”..
في الأشهر الأخيرة، بارت تجارة الكمامات إلى درجة أصبح بائعوها يتراكمون قرب المساجد، علّهم يبيعون شيئا منها للمصلين، في دور العبادة، الوحيدة التي تُجبر مرتاديها على ارتداء الكمامات.. مع بعض الفضاءات التجارية التي يحترم فيها ملاكها القاعدة الصحية، ليس حبّا في صحة القطيع، بقدر ما هي خوف من الرقابة التجارية والضريبية..
الى هذه الدرجة من تجاهل الاحتياطات الصحية، لا يُـمكن الحديث عن “تراخي”، طالما أن ما يحدث في ضرب البروتوكول الصحي عرض الحائط، نهارا جهارا، يتجاوز المعقول إلى اللامعقول، في التزام الناس بالقواعد الصحية، كثقافة أولا، ثم كممارسة، الظاهر منها “مقاطعة” غير معلنة للتلقيح ضد الفيروس اللعين!
هذه وتلك، في مكان ما تدفع رجلا بوزن رئيس الوكالة الوطنية للأمن الصحي، كمال صنهاجي، للحديث عن الوضع الصحي في الجزائر، لما بعد رفع إجراء الحجر الصحي المنزلي كليا في البلاد، وما قد يترتب عنه، لاحقا، من قرارات قد تُرجع العمل بالحجر الصحي، متى حلت بيننا موجة رابعة من كورونا، لا يستبعدها هذا البروفيسور، علما أن مجساته العلمية وأدواته في تحليل الوضع الصحي لا تخطئ توقعا مثل هذا، في مثل هذه الظروف، ووسط مثل هذا التراخي العجيب، من الذين لم يلقحوا أنفسهم ضد كورونا، وحتى من الذين تلقوا اللقاح على دفعتين!
هل خطر كورونا يتعاظم من جديد أو قد يتعاظم بأشكال أخرى؟ الله أعلم، لكن الأكيد أن سلوك اليوم يحدد سلوكيات الغد في مناحٍ معينة، وقد “يخلق” مشاكل ومطبات، مثل الذي لا يحسب للمستقبل وهو أجير بـ18 ألف دينار، لكنه يُنتج 5 أولاد في 6 سنوات زواج، ولا يعلم أنه برمج 5 أزمات سكن، ستظهر بادية للعيان بعد عشرين أو ثلاثين سنة