في وقت يزج رأسه في الرمال أمام القصف اليوم للجيش الصحراوي، أثبت الجيش المغربي المتواجد في الصحراء الغربية كقوة احتلال، أن بإمكانه قصف شاحنات فارغة لتجار عزل في منطقة قاحلة. لقد قتل 03 جزائريين في ذكرى الفاتح نوفمبر، كانوا بصدد تجسيد أسمى معاني التواصل بين الشعوب المغاربية.
الآن، يكون المجتمع الدولي وخاصة كبار مجلس الأمن، قد علموا جيدا أن الاحتلال المغربي بات بإمكانه استخدام سلاح متطور (طائرة بدون طيار) لقصف الإبل والبهائم، ثم المدنيين العزل في الأراضي الصحراوية.
الصور والفيديو المتداول للشاحنتين اللتين تم قصفهما، قبل يومين، بينما كانتا متوقفتين في صحراء قاحلة تحيط بها الرمال من كل جهة، توثق فداحة الجريمة وبشاعتها، كيف لا، وقد استشهد على إثرها 03 جزائريين، أفرغوا بضاعتهم في موريتانيا.
وعلى طريق العودة – وبحسب الرواية المتوفرة- سقط عليهم صاروخين، وهم بصدد دعوة عائلة موريتانية لمقاسمتهم وجبة طعام. هو هكذا المغرب، إذا، سعى جاهدا لإفساد شباب المنطقة بالمخدرات، وها هو يفسد أسمى لحظات الود والكرم والتواصل بين الشعوب المغاربية بعمل إرهابي جبان.
وقد لا يكون مهما تضييع مزيد من الوقت في قراءة تحركات هذه الدولة الراعية للإرهاب والممارسة له، أو تفسيرها للرأي العام الإقليمي والدولي، ويكفي فقط، التذكير، بأن القصف الجبان وقع بعد ساعات قليلة من تبني مجلس الأمن الدولي لقراره الروتيني الرديء بشأن النزاع في الصحراء الغربية.
وإذ كانت الرباط بصدد نسخ السياسة العدائية للاحتلال الإسرائيلي في الشرق الأوسط والتي تتعامل مع كل تماطل أو سكوت أو إشارة بطرف العين للمجتمع الدولي على أنه ضوء أخضر للمضي قدما في الاعتداء وقتل المدنيين والأطفال، فالأمر بالصحراء الغربية مختلف جدا.
رئاسة الجمهورية، شددت في بيانها، أن الجريمة “إرهاب دولة”، وأنها “لن تمر دون عقاب”، في وقت ذهبت القراءات أمس الأول، إلى إمكانية غض الجانب الجزائري الطرف، عن العملية واعتبارها “حادثا معزولا” تفادي لمحاذير جر المنطقة إلى ما لا يحمد عقباه.
رغم أن كل هذه القراءات أدركت منذ تغريدة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 13 نوفمبر، أن الحطب استجمع وأن البنزين قد صب، ولم يبق إلا رمي عود الثقاب، لإشعال شمال إفريقيا والمغرب العربي ككل.
وبالتالي فالسؤال اليوم، وأمام تواصل الأفعال العدائية، فمن سيتحمل المسؤولية؟ لا بد أن جهة ما ستدفع الفاتورة الباهظة، وهذه الجهة هي المملكة المغربية ولا أحد سواها، بغض النظر عن كونه دولة وظيفية في تحقيق الأحلام التاريخية للكيان الصهيوني.
إن ما يقترفه نظام المخزن، تحت نشوة التطبيع مع الصهاينة، يجب ألا يمر مرور الكرام، ولا بد للمجتمع الدولي، أن يستغل الرمق الأخير مما تبقى من قيم الإنسانية ومواد القانون الدولي، لمحاسبته على استخدام “الطائرات بدون طيار” كسلاح ضد المدنيين العزل في الفيافي القاحلة، وفي أراضي لا تعود له بل لغيره.
وقد يكون مهما تجريب مدى جدية القوى الدولية الكبرى، في الدفاع عن أدنى أبجديات الحرب، وحماية الإنسان ومعاقبة مرتكبي جرائم الحرب وإرهاب الدولة، وفوق ذلك كله إشهاد هذه القوى على حجم العبث الذي يمارس هذا الاحتلال الغاصب.
أما من يدفع في اتجاه انتهاز الفرص لفرض الأمر الواقع، فعليه أن يدرك أن الشعب الصحراوي المعني الأول بالقضية، سينتهز الفرصة هو الآخر، لفك الارتباط بأمر واقع دام 30 سنة، وسئم إلى درجة القنوط من حالة اللاسلم واللاحرب..والأيام دول.