حظي شيخ العارفين بالنّقد قديمه وحديثه العلامة عبد المالك مرتاض، بتبجيل وتكريم ورفعة من أسرة جائزة سلطان العويس الثقافية في دورتها السابعة عشرة في حقل الدراسات الأدبية والنقد، لما تركه الباحث الموسوعي من اجتهادات ونظريات يستند إليها وينهل منها كل العالم العربي وحتى الغربي، وهو بذلك يقدم أنموذجا كفؤا لباحث أفنى قرابة الثمانية عقود وراء الدراسات الأكاديمية في حقل النقد والأدب، حتى شكل ظاهرة موسوعية فريدة بالنسبة لجيله وللأجيال التي جاءت بعده.
إنّ تكريم شيخ النقاد في العالم العربي ليس صدفة، وهو الدارك والعارف بأمهات المسائل النقدية حين يحتكم إليه فيها..فينتصر للقديم لأنه الأساس، ولا يتهاون في إنصاف الجديد لأنه نتاج للرؤية والمنطق، فيجيد لهذا مفاهيمه وللآخر سلطته الأدبية من منطلق متميز منزه في دلالاته النقدية لا ضرر ولا ضرار.
تكريم الباحث مرتاض هو اعتراف بمسار الرجل في حقل النقد، ومرافقته لكل مشروع بحث يمنح الإضافة إلى المشهد الأدبي الأكاديمي الدلالي والبنيوي، والدراية الواسعة التي يتمتع بها في تراثنا القديم الحافل بالأمجاد والقواعد، ومنه واصل المحتفى به مبينا قدرته على ترويض التفاصيل الدقيقة، وتأصيل المفاهيم النقدية في سياقات تاريخية ومعرفية، مستندا في ذلك على المعاجم المختلفة ومرافقتها بما حملته الموسوعات الفكرية من فلسفة ومنطق العربية منها والغربية، وليس في ذلك عليه ببعيد.
لقد نهل من بحوثه ومحاولاته التحكيم المنطقي في قضايا أدبية ونقدية اختلفت حولها أجيال وأجيال، لكنه ببساطته ونير فكره استطاع أن يسلك مسالك الضالعين في العلم، فيذلل الخطوات وينير درب الطلاب والباحثين، لذلك هناك أجيال من الطلبة في العالم العربي ينهلون من كتبه، ومنها «دير الملاك» الذي صار مرجعا أساسيا ومعرفيا في نظريات النقد.
تأخّرت الجائزة في الوصول إلى مرتاض وهو في السادسة والثمانين عاما، وما يفوق الثمانين مؤلفا ومرجعا وإصدارا، ما بين الرواية، الشعر، النقد والبلاغة، فهي أشبه بتكريم العقاد وهو في أرذل العمر من الإبداع والعطاء، وظل على عهده لم يزل، وإذ نهنّئ المحتفى به في قصر السلطان نهنّئ الجائزة لأنها اختارت مرتاض كما «فضّلت قبله العقاد
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.