تريثت قليلا.. قبل أن أطلق أحكاما تكون بعيدة عن أعين الحقيقة أو مجحفة في حق أجيال من الكتّاب والأدباء، تؤمن الإيمان العميق بأن سلطة الإبداع دون حاجة إلى بهارات أو إيعاز تكون فاعلة.
ومن هذا المنطلق، تؤكد نظرة الغرب تجاه افريقيا المستعمرة بالأمس واليوم «بتحفظ» طفيف، أنها لا تتغير بالتقادم والمفهوم السليم لمصطلح «الكولون» أو»النيو- الكولون» ظل يراوح مكانه وليس من الصدفة بمكان أن تتغيّر نظرة الآخر حوله، وأقصد هنا «السلطة السياسية والاقتصادية» أو ما يقابلها في قوانين اللعبة، وهي بقية الشعوب المستضعفة كما هو الشأن في الأدب الهامش والمركز، التأثير والمتأثر.
الثقافة والسياسة خطان متوازيان يلتقيان في نقاط معينة تفرضها الظروف، وقد ترفضها قوانين الهندسة بهدف كسب الآخر وتجسيد قيمة التباين والاختلاف، وقد لا يلتقيان في الأصل ولكن في الحقيقة هما روح واحدة والأساليب تختلف من منظومة فكرية إلى أخرى حسب موازين القوى ومناطق التأثير.
لم ترسو جائزة غونكور منذ إنشائها سنة 1903 إلى غاية السنة الجارية، على أية شخصية إفريقية لا في الرواية ولا في الفنون الأخرى سوى أربعة أسماء عربية، توجت أعمالها لنيل هذا الاستحقاق وهم، الطاهر بن جلون سنة 1989 عن روايته « ليلة القدر»، أمين معلوف سنة 1994 عن روايته «صخرة طانيوس»، عتيق رحيمي سنة 2010 عن إصداره «حجر الصبر» وليلى سليماني عام 2016 عن إصدارها السردي «أغنية هادفة» وخامسهم السينغالي الإفريقي محمد مبوغارسار الذي توجت روايته «ذاكرة البشر الأكثر سرّية» بالجائزة في طبعتها الأخيرة للسنة الجارية.
ميوغار لم يتعدّ العقد الثالث من العمر، وبالرغم من ذلك صنع الاستثناء كثاني كاتب شاب يبتسم له حظ الفوز، الأمر الذي يحيل إلى طرح السؤال الجوهري هل يشيخ النص؟ أم أنه يولد كبيرا ليفرض هيبته واحترامه؟ ودون البحث عن الإجابة فإن المحتفى به ذكر في تصريحاته فور الإعلان عن فوزه، بأن الأدب لا عمر له «ويمكن خوض غماره في سنّ مبكرة، أو في عمر السابعة والستون عاما أو في الثلاثين عاما أو السبعون عاما، وأن تكون لدينا بالرغم من ذلك خبرة طويلة».