مع بداية الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمّدة في البنوك العالمية، تطبيقا للعقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، بدأت مؤشرات الانفراج تتضح أكثر فأكثر
بدا طي هذا الملف الحساس والمعقّد قريب جدا، كما كان متوقعا قبل نهاية العام الجاري، على خلفية أن منح الضوء الأخضر لرفع عملية الحجز عن الأموال الإيرانية، باتت توصف كخطوة أساسية تعكس إرادة واضحة وجدّية من جانب الدول الغربية وخاصة واشنطن، وسبقت بأيام موعد دخول المفاوضين الجولة السابعة من المحادثات النووية بفيينا، المقررة يوم 29 نوفمبر الجاري، وتعتبر بادرة تهدف لتهيئة الظروف وتكريس جو يسوده الثقة يسمح بالتخفيف من التوجّس الإيراني حيال حقيقة النوايا الأمريكية، ولتشجيع إيران أكثر على الانخراط بفعالية في مفاوضات متعثرة بعد توقفها، شهر جوان الماضي، بذريعة التأجيل والانتخابات الرئاسية الإيرانية.
يمكن الجزم بأن كل شيء جاهز من أجل إنجاح جولة جديدة قد تكون نهائية وحاسمة من المفاوضات النووية أو ما قبل الأخيرة في مسار عسير من شد وجذب، انطلق شهر أفريل الماضي وتوقف شهر جوان، لأن هذا التفاوض جاء بهدف إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، والذي انسحب منه ترامب عام 2018، وصار اليوم ضروريا في نظر الرئيس الأمريكي الجديد بايدن، الحريص على تأمين منطقة الشرق الأوسط من الصراعات وبؤر التوتر عن طريق استتاب الاستقرار بعد حروب شرسة مزقت عديد الدول، إذا ينتظر أن تدخل إيران بقوة إلى جلسات التفاوض ويتوقع كما تم تسريبه أن تسهر على تشكيل مجموعة عمل مستقلة للتحقيق في مسألة رفع العقوبات الأمريكية، وفوق ذلك تشترط عرض على طاولة التفاوض القضايا النووية دون غيرها من الملفات الأمنية أو العسكرية.
يبدو أنه لن يعود المفاوضون إلى نقطة الصفر في نظر المتفائلين، ويرتقب أن يستكمل مسار التفاوض في النقاط التي توقفت فيها المحادثات بحسب تأكيدات وتصريحات جديدة للأطراف المشاركة، ومع ذلك يبقى الفريق الإيراني الجديد دون شك متمسك بمطالب سابقة لن يختلف عليها ممثلو طهران، لأنه صحيح أن أعضاء الوفد المفاوض تغيروا، لكن الأهداف واحدة حول الملفات الجوهرية والنقاط الضرورية، غير أن السؤال الجوهري.. ماذا تحمل الدول الغربية وواشنطن للتحكم في مسار التفاوض ومنع حدوث أي إخفاق يعيد المحادثات إلى نقطة البداية؟