حقيقة إن طوق النجاة لا ينقذ من السقوط في البحر، لكنه على الأقل يمنع غرقك فيه. هو نفس الدور الذي يؤديه اللقاح، فهو لن يمنع إصابتك بالفيروس لكنه يحميك من انتقال حالتك الصحية من الخفيفة إلى المعقدة، لذلك يؤكد الأطباء والمختصون في كل مرة، على أهمية التطعيم كوسيلة فعّالة للتحكم في فيروس كورونا وسلالاته المتحورة.
تراجع الإقبال على التلقيح أطلق صفارات الإنذار، فإذا اجتمع التراخي وعدم احترام الإجراءات الوقائية مع عدم التلقيح، ستكون النتيجة، لا محالة، حتمية الدخول في موجة رابعة مجهولة العواقب، بسبب أن كورونا في كل موجة تظهر جانبا خفيا من خطورتها.
وبين التراخي في ارتداء القناع الواقي واحترام مسافة الأمان وعدم التلقيح، وجد المجتمع نفسه في حالة انتظار وترقب، خاصة وأن الكثير من الدول دخلت فعلا في موجة رابعة تخطى عدد الإصابات فيها 60 ألفا في اليوم الواحد، لكن في المقابل نجد أن مصالح الإنعاش أو حتى المستشفيات لا تعرف ازدحاما أو خروج الوضع عن السيطرة، والسبب أنهم استطاعوا بلوغ نسبة 70٪ أو يزيد من الملقّحين.
يستخف البعض بحملة التلقيح، إلى درجة تكذيب توصيات المختصين في كون اللقاح سبيل النجاة من وباء أثبت منذ ما يقارب السنتين أنه شرس وخطير. وعدم تجاوز نسبة الملقحين في قطاعي التربية والتعليم العالي 20٪، يؤشر على وجود خلل كبير وجب تداركه لتحقيق الهدف المنشود من إطلاق الحملة في 31 جانفي الماضي، أي ما يقارب السنة.
ولن يتحمل المواطن وحده مسؤولية تراجع الإقبال على التلقيح، ولا قطاع الصحة وحده ولا أي قطاع آخر، لأنها بكل بساطة مسؤولية جماعية لكل واحد من هؤلاء نصيب من مسؤولية التراخي والاستهتار بالإجراءات الوقائية والتلقيح معا، فلا يمكن للمواطن أن يدرك تفاصيل ما نعيشه من أزمة صحية، بدون حملات للتوعية والتحسيس لا تنحصر فقط في ومضات إشهارية في مختلف وسائل الإعلام السمعية والبصرية، لأن المجتمع يحتاج إلى أكثر من ذلك، خاصة إذا علمنا ان الكثير من المواطنين يقبل على مختلف الوسائط الاجتماعية بعيدا عن شاشات التلفاز أو ذبذبات المذياع.