دعت العديد من التشكيلات السياسية الى تمكين رؤساء المجالس الشعبية البلدية من صلاحيات “أكبر” لمعالجة أزمة السكن ودراسة الطلبات المودعة من طرف المواطنين باستخدام نظام إحصائي محكم وبطاقية وطنية دقيقة وآمنة للفئات الاجتماعية المستحقة لمساعدات الدولة في هذا المجال.
ملف السكن “عقدة” يواجهها كل مسؤول محلي، يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع المواطنين لاستمالة صبرهم وتفهمهم كلما تم الاعلان عن قائمة للمستفيدين.
وطالب العديد من رؤساء المجالس المحلية السابقة بتمكينهم من صلاحيات “أكثر”، في إطار التعديلات المرتقبة لقانوني البلدية والولاية، سيما في ملف السكن الذي يعد الإشكال الأكبر الذي يواجهه المنتخبون والمواطنون على حد سواء، نتيجة لكثرة الطلب وقلة العرض والتلاعبات التي تشهدها بعض عمليات التوزيع على حساب المواطن البسيط وأبناء البلدية الأصليين، ما يضع العديد من المسؤولين المحليين أمام خيارات صعبة.
“تعديلات جديدة”
ودعا المترشح عن حزب صوت الشعب ورئيس بلدية الحراش السابق، مزيود مراد، إلى إدخال تعديلات جديدة على قانون البلدية والولاية تمنح بموجبها صلاحيات “أكثر” للمنتخبين، باعتبارهم الفئة الأقرب للمواطن والأكثر اطلاعا على خصوصياته من خلال اللقاءات الدورية التي تجمعهم به في البلدية.
وأوضح أن رئيس البلدية يتطلع الى صلاحيات بنسبة تفوق 70 بالمائة ليتمكن من اتخاذ القرار المناسب، خارج الضغوطات المفروضة من طرف اللجان، في حين لم ينف الدور الهام للجان الدائرة والولاية التي لابد أن يوكل لها دور رقابي فقط، حسبه.
وقال إن السنوات الماضية التي عرفت توقف عمليات توزيع السكن، على غرار بلدية الحراش التي عرفت توزيع آخر حصة سنة 2011 مكونة من 60 سكنا اجتماعيا، وحصة أخرى سنة 2021 مكونة من 180 سكن، تسببت في ارتفاع الطلبات بوتيرة “كبيرة جدا”، جعلت من المستحيل تلبية حاجة كل المواطنين.
واقترح لحل هذا الاشكال، تمكين البلديات من حصص أكبر للسكن الاجتماعي وتحسين شروط منح السكن الاجتماعي خاصة ما يتعلق بكشف الراتب وفتح مجال انجاز السكن في مختلف البلديات للخواص في اطار السكن الموجه للإيجار، القادر على امتصاص الكم الهائل من الطلبات، مع الوقف الفوري لعمليات الترحيل باسم إعادة اسكان قاطني السكن القصديري الذين تسببوا، حسبه، في تعطيل استفادة طالبي السكن الاجتماعي.
أما المترشح عن حزب جبهة التحرير الوطني ورئيس بلدية معالمة السابق، مرزوق حميدو، فأكد أنه من الضروري اعادة النظر في شروط منح السكن الاجتماعي بما يراعي الأقدمية في البلدية والحالة الاجتماعية لطالب السكن، مع فتح تحقيق اجتماعي معمق عن كل حالة لتحديد مدى الأحقية في الاستفادة.
ويرى مرزوق أنه لا بد من اتاحة الصلاحيات لرئيس البلدية ليكون “فاعلا” في اللجنة ويتمكن من اقناع أعضائها بخصوص المواطنين الذين يرى أنهم الاحق في الحصول على سكن، رغم تأكيده بأن الحصص الممنوحة لا يمكن أن تلبي كل الطلب.
ولم تستفد بلدية معالمة منذ الاستقلال إلا من 80 سكنا اجتماعيا و40 سكنا تساهميا، كما استفادت مؤخرا من 100 حصة في السكن الترقوي المدعم فقط، مقابل 4254 طلب، وهوما لا يمكن من تلبية احتياجات المواطنين، على الرغم من احتضان بلدية معالمة لجزء من المشروع السكني الضخم بالمدينة الجديدة لسيدي عبد الله، يؤكد نفس المصدر.
ويرتقب، حسب “المير السابق”، فتح شباك ببلدية معالمة يخصص لدراسة ملفات السكن العالقة في الأدراج واستقبال المواطنين، في انتظار الاستفادة من حصص إضافية للسكن الاجتماعي أو التساهمي.
من جانبه، قال نائب رئيس المجلس الشعبي الولائي السابق المكلف بملف السكن والعمران، نصال يحي، أن “بعض رؤساء البلديات لم يكونوا في المستوى خلال السنة الماضية في مجال توزيع السكن الاجتماعي”، مما يستلزم-حسبه- “إخضاع كل القوائم لمراقبة اللجان من أجل تفادي التلاعبات”.
وقال إن قلة السكنات المتوفرة وكثرة الطلب، مع التركيز على ترحيل قاطني البنايات الفوضوية، حرم العديد من المواطنين الأصليين في بعض البلديات من السكن وجعلهم في معاناة دائمة إما مع ضيق السكن أو غلاء قيمة الكراء.
وتابع: أغلب رؤساء البلديات متابعون قضائيا بسبب ملف السكن، وتزوير وثائق الاقامة.. لابد ان تقف اللجان على عملية المراقبة”، مؤكدا أن تدخل الولاة المنتدبون يعد أكثر من ضروري لمراقبة القوائم.
وعود عن سياسات سكنية “ناجعة”
وأكدت حركة مجتمع السلم ضمن برنامجها الانتخابي لمحليات 27 نوفمبر، على السعي لجلب حصص كافية من السكن الريفي والاجتماعي والعدالة في توزيعها، والعمل مع الوصاية لانجاز سكنات اجتماعية جديدة وتسوية مشكلة العقار على مستوى البلدية.
وتراهن حركة البناء الوطني، على سياسة سكنية عادلة ومنح السكن لمن يستحقه والعمل على جلب مشاريع السكن للبلديات بمختلف الصيغ، إلى جانب ترقية وظيفة المدينة وتحسين تسييرها وتكريس مسؤولية الادارة أمام المجتمع وتحسين أدائها وفق أسس شفافة.
ويرتقب أن يعمل المنتخبون عن التجمع الوطني الديمقراطي على معالجة ملفات السكن عن طريق انشاء برامج رقمية لضمان الشفافية في التوزيع وتسهيل حصول مواطني البلديات على المساعدات الاجتماعية في مجال السكن.
في حين تسعى جبهة المستقبل لوضع نظام إحصائي محكم وإنشاء بطاقية دقيقة وآمنة للفئات الاجتماعية المستحقة لمساعدات الدولة في مجالات السكن والشغل وذوي الاحتياجات الخاصة والعائلات المعوزة.
والقضاء على البناء الفوضوي وتكثيف الرقابة الادارية في هذا الخصوص مع وضع سياسة عمرانية محلية منسجمة مع الخصائص الجغرافية والديموغرافية المحلية لكل جهة في الوطن وتسهيل الحصول على سكن لائق لكل مواطن مع تشجيع الاستثمار الخاص في السكن الايجاري بالبلدية.