تعويم الدينار وإلى متى الانتظار، لاسيما وأن الفارق في سعر صرف العملات الأجنبية بين البنك المركزي والسوق الموازية أضرّ كثيرا بالاقتصاد الوطني على أكثر من صعيد.
فالمهاجر الجزائري العائد إلى أرض الوطن لقضاء عطلته السنوية أو لزيارة أقاربه، يختار بصورة آلية صرف أمواله من العملة الصعبة في سوق «السكوار»، دافعه الوحيد في ذلك هو منطق ربحي، بالنظر إلى الفارق بين سعر الصرف الرسمي والموازي.
التقارير الاقتصادية تقدر حجم التحويلات السنوية للمهاجرين الجزائريين (عبر السوق الموازية) بـ15 مليار دولار، مبلغ كبير يعادل 70٪ تقريبا من مداخيل الجزائر من المحروقات لسنة 2020 (22 مليار دولار)، وإدخال هذه الأموال للاقتصاد الرسمي عبر البنوك، من شأنه أن يساهم في انتعاش الاقتصاد الوطني، والحد من عجز الميزان التجاري الذي تعاني منه الجزائر منذ السنوات الماضية، لاسيما وأن فاتورة الاستيراد خفضت إلى مستويات مقبولة.
ومن تجارب التعويم العربية في السنوات الأخيرة، هناك التجربة المصرية، حيث قامت بما يسمى «التعويم الجزئي للجنيه» وهي تجربة ناجحة إلى حد ما، فبالرغم من تأثير التعويم على أسعار المواد غير المدعمة وانعكاسه على القدرة الشرائية للمواطنين حينها (انتقل سعر الدولار من 8 جنيهات إلى 18 جنيها بعد التعويم) إلى أن استقرت الأمور بعد عامين من العملية.
والجزائر بما تمتلكه من إمكانات بشرية ومادية يمكنها تجاوز المرحلة الانتقالية، ودعم الأسر منخفضة الدخل، والاستفادة في مرحلة ثانية من المزايا التي يمنحها التعويم، والقضاء على السوق الموازية للعملة، والاستفادة من ملايين الدولارات وإدخالها البنوك، وتشجيع الاستثمار الأجنبي دونما الخوف من حدوث خسائر بسبب فروق سعر اليورو بين السوقين الرسمي والموازي.
التحرير الجزئي لسوق الصرف أصبح ضرورة ملحة للتحكم في الاقتصاد الوطني، لاسيما وأن الأرقام المتداولة حول حجم السوق الموازية في الجزائر كبيرة وصادمة، إذ بلغت، كما أعلنه رئيس الجمهورية، 70 مليار دولار، ما يوازي 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي للجزائر في 2020.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق