بدأت السينماتوغرافيا تستعيد خطواتها المعهودة والمغيبة نتيجة سوء التسيير والارتجالية اللتين أثقلتا كاهل المشروع السينمائي، وعرقلتا نهضة الشاشة الكبيرة لعشرية من الزمن.
أمراض خطيرة عششت في دواليب المؤسسات الثقافية، أساءت للسينما بشكل كبير وتغلب المال على الفكرة، وفقدت الصورة السينمائية مجدها وحبكتها المعهودة، وقضايا تمويل بعض الأفلام بمبالغ خيالية لا يزال يطرح التساؤلات الكثيرة المبهمة منها والغريبة، فمن غير المعقول أن بعض الأفلام التي استنفدت كل المبالغ المخصصة لها والتي تعد بالملايير في المقابل، لا تزال في المهد لم تخرج إلى النور رغم مرور عشرات السنوات من تمويلها.
نعيش اليوم هذه الهوة السينمائية الغريبة بكل مآلاتها وخطورتها، في المقابل هناك أصوات أخرى قدمت للمشهد السينمائي الكثير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية الخالدة، لكن تفشي المحسوبية جعل هذه الأصوات تنأى بعيدا عن الضجيج، حفاظا على صورتها من التشويه الذي أصاب السينما ولعل المخرج احمد حويذق واحد من بين عشرات الأسماء التي لم تستفد من الامتيازات التي كانت تخصص للسينما في زمن البحبوحة، فأبعد عن تقسيم الكعكة كما تبعد الغربان لحظة اقتسام الغنائم.
الاعتراف بالجميل التفاتة حضارية وخصال إنسانية نبيلة ومسؤولية مشتركة، تجاه صاحب مسلسل «كلثوم»، ومن خلاله الكثير من الأسماء الأخرى التي همشت وهي اليوم في أمس الحاجة إلى لحظة اعتراف صادقة من طرف الوصاية، فالاهتمام بهذه الفئة الفنية المبدعة هو اعتراف صادق بالإضافات التي منحوها للمشهد السينمائي، والاستغناء عن خدماتهم يعني نكران للجميل، والعملية الإبداعية لا ترتبط بالعمر لأنها لحظة دائمة العطاء لا تنفذ.
بالرغم من اختياره المنفى الطوعي والابتعاد عن عالمه، عالم الصناعة السينمائية بسبب الظروف التي ذكرتها سالفا، إلا أنه متفائل بالعودة إلى أحضان الشاشة الكبيرة والصغيرة، وخمسة عقود من العطاء حري بها أن تنفذ من أقطار الصورة إلى عوالم أخرى أكثر إبداعا، فالرجل ذاكرة متنقلة وكتاب مفتوح على مجد السينما الجزائرية، لأنه رافق وعاصر عمالقة الإنتاج من بديع إلى حمينة ومن العسكري إلى بوشارب.