تشكّل العودة إلى طاولة الحوار للحسم في الملف النّووي الإيراني فرصة جديدة قائمة بهدف الحسم في هذا الملف الحسّاس، الذي من شأنه أن يؤثّر على منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
وتعد في نفس الوقت قاسما مشتركا ليس بين طهران وواشنطن فقط بل مع جميع الشّركاء الأوروبيّين والصين وبريطانيا، على خلفية أنّ التّتويج بحلول واقعية ونهائية لن يخفض من حدة التوتر، ويزيل التوجس بل يفتح المجال لعودة العلاقات إلى ما قبل اشتعال الخلافات، وما نتج عنها من تهديد ووعيد وعقوبات أمريكية قاسية، ولعل آليات الحوار والتفاوض قنوات من شأنها أن تجلب الكثير من الاستقرار للمنطقة، وتسهل من محاولات إطفاء بؤر التوتر التي شهدتها بلدان المنطقة خاصة سوريا، والتي على ما يبدو تسير نحو الانفراج.
إيران عازمة على التخلص من عبء العقوبات التي كبّلت اقتصادها وحرمتها من تدفق نفطها نحو أسواق خارجية، لذا يمكن القول أنّ استئناف المحادثات فرصة أخرى قد تسكت تكبح الخلاف الذي حال دون طي هذا الملف، حيث أظهرت إدارة بايدن للعلن بأن لها نوايا للتسوية، وجاءت في هذه الجولة الجديدة، حسب التصريحات، حاملة لإرادة التعجيل في غلق الملف خلال أسرع وقت ممكن، لأنّها متخوّفة من تقدم إيران في تطوير برنامجها النووي.
لا أحد يمكنه أن يتنبّأ بما سيحدث في الاجتماع الذي ينطلق اليوم، وكم ستستغرق جولاته المقبلة، لكن مع ذلك يبقى التفاؤل قائما في تعبيد مسار التقارب، الذي يظهر أنه هدف لكل من ينشد التفاهم ويؤمن بأن التوافق ممكن حتى في المسائل الأشد خلافا، لأنّ واشنطن كانت قد هدّدت بلهجة غير مباشرة إيران عندما صرّحت في السابق أنّها لن تنتظر طهران طويلا، ولن يكون الباب مفتوحا لوقت أطول في هذا الملف، غير أنّ إيران متمسّكة برفع العقوبات كشرط رئيس، وفوق ذلك تتطلّع نحو تبنّي خطوات أساسية وناجحة خلال هذه المحادثات التي يهدف من خلالها إلى إعادة فتح ملف الاتفاق النووي المبرم عام 2015، فهل ستتمكّن القوى الكبرى المشاركة في المفاوضات في تقريب وجهات نظر واشنطن وطهران، وكسب رهان جديد يؤمن المزيد من الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط؟