يُفصل وزير السياحة والصناعات التقليدية، ياسين حمادي، في حوار مع “الشعب أونلاين”، خارطة طريق القطاع، ودوره في مخطط الإنعاش الاقتصادي، ويتحدث عن حركية جديدة للسياحة الداخلية.
يكشف الوزير ياسين حمادي، أيضا، تفاصيل المرسوم التنفيذي المحدد لكيفيات تسقيف خدمات الإيواء بالمؤسسات الفندقية، وتخفيضات هامة على أسعار النقل الجوي نحو ولايات الجنوب، بداية من جانفي المقبل.
وعن استرجاع الأسواق الكلاسيكية واستقطاب السياج الأجانب، يتحدث حمادي عن مقاربة الوزارة في تسويق وجهة الجزائر بالخارج بالتنسيق مع الممثليات الدبلوماسية، ويؤكد ، أيضا، موافقة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عن مقترح يخص تسهيل ولوج السياح الفعليين إلى الجزائر
قطاع السياحة تضرر بشكل غير مسبوق
بداية، فرضت جائحة فيروس كورونا ظروفا إستثنائية، هل لكم أن تطلعونا على وضع القطاع، بعد رفع قيود الحجر الصحي؟
على غرار دول العالم، أثرت جائحة كورونا على كل القطاعات، وقطاع السياحة الأكثر تضررا في العالم مثلما هو الحال في الجزائر، بسبب شلل تام مس وسائل النقل، جراء غلق الحدود، وبالتالي انعدمت حركة تنقل الأشخاص، فالقطاع تضرر بشكل غير مسبوق.
في الجزائر، أسدى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تعليمات للتكفل بالمتضررين منذ بداية الجائحة، منها في قطاع السياحة، وتقرر تخصيص إعانات مالية في مرحلة أولى للحرفيين، ثم العمال، وتدابير أخرى بالنسبة لأرباب العمل تخص مستحقات الضمان الاجتماعي وتسديد القروض.
فضلا عن ذلك، توجد مراسيم قوانين تعدل دوريا من أجل مرافقة الفئات المتضررة، تتعلق أساسا بالإجراءات شبه جبائية، وهنا نذكر بالأمرين الرئاسيين المتعلقين بإعفاء كل المتعاملين من عقوبات التأخير وتأجيل تسديد الأعباء.
تدابير إضافية للمتعاملين في السياحة حتى ديسمبر 2024،
في قانون المالية لسنة 2022 تدابير إضافية للمؤسسات الناشطة في السياحة، هل من تفاصيل؟
قانون المالية لسنة 2022 حمل تدابير إضافية للمتعاملين في قطاع السياحة، تخص الرسم على القيمة المضافة، وهي تدابير كانت ستنتهي صلاحيتها مع نهاية السنة الحالية، غير أنه مُددت إلى ديسمبر 2024، ما يسمح بعودة الأنشطة المتضررة تدريجيا، وضمان استقرار الأسعار.
قطاع السياحة معول عليه في مخطط الإنعاش الاقتصادي، لتنويع مصادر دخل البلاد، ما أهم ورشات القطاع في هذا الاتجاه؟
نرجع إلى الإلتزام الـ 19 لرئيس الجمهورية وبرنامج عمل الحكومة، قطاع السياحة يحظى بأهمية بالغة في مخطط الإنعاش الاقتصادي، وخارطة طريق الوزارة تتضمن برنامج رئيس الجمهورية ومخطط عمل الحكومة.
قطاع السياحة رافد من روافد الاقتصاد الوطني، لما له من مقومات استقطاب العملة الصعبة واستحداث مناصب شغل، ونشير إلى أنه أثناء عرض مخطط العمل الاقتصادي والتدابير الاستعجالية للنهوض بقطاع السياحة، أُسديت خمس تعليمات..
خارطة الطريق تعتمد تكوين الموارد البشرية على جميع المستويات لاستقطاب السياح
ما هي هذه التعليمات؟
أولا، نحافظ على ما هو موجود، لأننا لسنا بصدد التأسيس لأشياء جديدة، بلادنا لها تاريخ ومقومات سياحية كبيرة وتتوفر على هياكل، إذا سنعمل على تحسين ما هو متوفر، واستغلال كل ما ينتج الثروة ويستحدث مناصب شغل، فمثلا عندما نتحدث عن قرية سياحية جديدة يعني عديد مناصب الشغل مباشرة وغير مباشرة.
رئيس الجمهورية أعطى تطمينات للولاة والمتعاملين الاقتصاديين لاستغلال العقار السياحي، وهناك مشروع قانون على مستوى الأمانة العامة للحكومة يخص العقار السياحي، بحيث يوجه العقار للمستثمرين الحقيقيين.
في حديثنا عن تطوير المنتوج السياحي، نشير إلى جانب مهم جدا لم يحظي بالأهمية اللازمة سابقا، ونقصد السياحة الحموية العلاجية، هي نوع من السياحة غير متوفر في دول البحر الأبيض المتوسط، غير أن الجزائر تتوفر على مقومات كبيرة لتنشيط هذه السياحة.
خارطة طريق القطاع تعتمد، أيضا، على تكوين الموارد البشرية على جميع المستويات من أجل استقطاب السياح، تم تكوين الإطارات والمسؤولين غير أنه أُغفلت مستويات أخرى في مجال يحصي 54 مهنة فندقية.
لذلك، نعمل على فتح مراكز تكوين جديدة لتعزيز منظومة التكوين في كل المجالات، أُسديت تعليمات لإدماج مستخدمي القطاع الخاص بشرط احترام دفتر الشروط.
من جهة أخرى، انطلقنا في برنامج رقمنة القطاع، وهو مشروع يهدف إلى رقمنه كل المعاملات من أجل إضفاء الشفافية، أرضية الخدمات موجودة ويمكن الولوج إليها في أي مكان وفي أي وقت، وتتيح طلب الخدمة والحصول عليها في الوقت الحقيقي، لكن نعمل على تطويرها وإعفاء المواطن من عناء التنقل إلى الإدارة..
إضافة إلى ما ذكرنا، كل القوانين التي تحكم قطاع السياحة وهي حوالي 7 قوانين تحتاج إلى تكييف وتعديل، ارتأينا إلى جمع كل الترسانة القانونية في نص قانوني واحد أطلقنا عليه “قانون توجيهي للسياحة”.
انتهينا من إعداد هذا المشروع وسيتم إشراك كل المتعاملين في قطاع السياحة لإبداء رأيهم والخروج بقانون توافقي.
الأسعار المطبقة في الفنادق مرتفعة جدا مقارنة مع بعض الدول وليست في متناول كل فئات المجتمع
بالرغم من توجيهات الرئيس تبون بخصوص الاهتمام بالسياحة الداخلية وترقيتها، تبقى أسعار المنتوج السياحي نقطة سوداء، هل ستراجع قيمة الأسعار في المؤسسات الفندقية؟
بالنسبة لأسعار السياحة في الجزائر، ننطلق من مبدأ أن قانون السوق من يحدد الأسعار، صحيح الأسعار مرتفعة جدا لأنه لا توجد تنافسية، بالمقابل أصبح السائح الجزائري جد متطلب ولا يرضى بأي شيئ.
الأسعار المطبقة مرتفعة جدا مقارنة مع بعض الدول، وليست في متناول كل فئات المجتمع، ما يثير أسئلة كثيرة.. لماذا العزوف عن السياحة الداخلية؟ ولماذا يُفضل جزائريون وجهة في دول الجوار ولا يستمتع بما تتوفر عليه الجزائر..؟ بطبيعة الحال الأسعار من بين الأسباب.
في هذا الشق، تم استحداث لجنة مختصة بين وزارتي السياحة والتجارة لتحضير مشروع تسقيف الأسعار، وهو مشروع انتهينا من إعداده، فالأسعار يجب أن ترتبط بالخدمات المقدمة في الفنادق.
هذا المشروع يعرض قريبا على اجتماع الحكومة للمصادقة عليه، ويركز على تسقيف الأسعار مقارنة مع الخدمات المقدمة من قبل المؤسسات الفندقية.
يأتي مشروع مرسوم تنفيذي يحدد كيفيات تسقيف خدمات الإيواء بالمؤسسات الفندقية، في إطار تنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون التي أسداها خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 12 سبتمبر 2021، المتعلقة بمراجعة الأسعار الحالية المطبقة في المؤسسات الفندقية لضمان حماية حقوق المستهلكين إزاء تجاوزات في النشاط الفندقي.
الاختلال الحاصل بين العرض والطلب وراء ارتفاع الأسعار، بالحظيرة الوطنية 1480 فندق، لا توجد خارطة طريق واضحة يمكن أن تتساوى الأسعار من فندق إلى آخر، لذلك سيحدد هذا المشروع سقف الأسعار المطبقة في فندق من درجة معينة، حسب تصنيف الفنادق، لا يمكن تجاوز سعر معين في تصنيف الفنادق، المشروع سيقدم في اجتماع للحكومة قبل نهاية السنة.
ماذا عن أسعار النقل؟
ما يخص تخفيض أسعار النقل الجوي نحو الجنوب، سيتم تطبيق التخفيضات بصفة رسمية بداية من 2 جانفي المقبل، وهذا إلحاحا منا وطلباتنا المتكررة لمراجعة أسعار النقل الجوي، من خلال العمل المشترك بين وزارتي السياحة والنقل ومشاورة الوزير الأول، تم تخفيض الرسم على القيمة المضافة في أسعار النقل الجوية للولايات الجنوب من 19 إلى 9 بالمائة، وهذا ما يسمح بتخفيضات هامة في أسعار التذاكر تترواح بين 4 ألاف إلى 5 ألاف دينار.
إلى جانب ذلك، ستقدم شركة الخطوط الجوية الجزائرية امتيازات لأصحاب الوكالات السياحية عندما يتعلق الأمر بحجوزات الأفواج من خلال أسعار تفضيلية، لهذا أدعو من خلال “الشعب أونلاين”، اللجوء إلى الوكالات السياحية للاستفادة من امتيازات في تذاكر السفر
نحن في انتظار تحسين ورفع من مستوى خدمات المؤسسات الفندقية في مناطق الجنوب والهضاب العليا، كل أنواع السياحة موجودة في الجزائر يبقى لدينا صعوبات في هياكل الإيواء التي نعمل على تداركها.
في هذا الشق، أعطى رئيس الجمهورية تعليمات لتذليل كل العوائق، لذلك السياحة في الصحراء ستكون الوجهة الأولى والمفضلة، وتركيزنا على هذه الأخيرة لا يعني إهمال باقي الأنواع.
ستقدم شركة الخطوط الجوية الجزائرية امتيازات لأصحاب الوكالات السياحية في حجوزات الأفواج بأسعار تفضيلية
تحدثتم سابقا عن “ضرورة إعداد ميثاق أخلاقيات المهن” و”إرساء الشفافية في التعاملات والممارسات بين مختلف المتعاملين والفاعلين في القطاع”.. إلى أين وصلتم؟
مشروع آخر يجب أن ينخرط فيه كل المتعاملين، وزارة السياحة مهمتها ضبط كل ما هو موجود وتذليل الصعوبات، ورفع العوائق والحواجز التي تعيق تطور السياحة في بلادنا، المتعاملون يجب أن يتفقوا على ميثاق لأخلاقيات المهنة، فمثلا من غير المقبول أن يفقد زبون الحجز في فندق بسبب عرض متعاقد آخر، هنا نتحدث عن أخلاقيات وإلتزام مهني.
في نفس السياق، نسعى حاليا مع المؤسسات الناشئة لوضع أرضية للحجز تفرض على كل المتعاملين احترام التزاماتهم.
نحضر “أطلس” وطني يكون دعامة إلكتروني يوزع على الممثليات الدبلوماسية، للترويج لوجهة الصناعة التقليدية
اجتماع لمجلس الوزراء شهر سبتمبر، شدد على ضرورة تنظيم الصناعات التقليدية وفق المعايير الدولية. ما السبيل إلى ذلك؟
نؤمن أن السياحة والصناعة التقليدية مجالين لا يمكن فصلهما، في هذا الصدد أسدى رئيس الجمهورية تعليمات لترقية الصناعات التقليدية، وهو ما نعمل عليه حاليا، وكما شاهدتهم الصناعة التقليدية الجزائرية كانت حاضرة في معرض إكسبو دبي، وستكون حاضرة في مختلف المعارض الدولية.
إضافة إلى ذلك، نحضر حاليا “أطلس” وطني عبارة عن دعامة إلكترونية يوزع على كل الممثليات الدبلوماسية، للترويج لوجهة الصناعة التقليدية في الخارج، خصوصا وأن الجزائر تملك ثراء في هذه الصناعة.
وأشير أيضا إلى إعداد مدونة وطنية لنشاطات الصناعة التقليدية، موجودة حاليا على مستوى الأمانة العامة للحكومة، وتصدر في الجريدة الرسمية أثناء الأيام القليلة المقبلة، هذه المدونة طُورت وفق معايير دولية تواكب المستجدات الحالية.
وخلال إحياء اليوم الوطني للحرفي يوم 9 نوفمبر، أكدنا على ضرورة الحفاظ على هذا التراث وحمايته من السطو والتقليد، ففي الجزائر لدينا أكثر 400 ألف حرفي.
ما معايير المدونة الجديدة للصناعات التقليدية؟
هناك مدونة سابقة لا نعيب عليها شيء، غير أننا أعدنا التصنيف وفق ما تقتضيه المعايير الدولية، بحيث صُنفت الصناعات التقليدية والحرفية كل في مكانها.
التوجه الاقتصادي العام، يرتكز على دعم إنشاء مؤسسات مصغرة وإدماجها. ما المزايا والتسهيلات الممنوحة لهذه المؤسسات في قطاعكم؟
فتحنا الأبواب لكل المؤسسات الناشئة النائسة، خاصة ما تعلق بالترويج لوجهة الجزائر في الخارج، وكل الأعمال على مستوى الديوان الوطني للسياحة تعود لمؤسسات مصغرة وناشئة.
نظمت وزارتكم مؤخرا رحلة استكشافية لوفد سياحي روسي بتمنراست وجانت، هل من رحلات أخرى لوفود من دول أخرى؟
أولا يجب التأكيد، أنه ليس وفدا، بل صحافييون ومؤثرون نستقطب من خلالهم السياح. المبادرة كانت لمجموعة من الوكالات السياحية تحت رعاية وزارة السياحة التي سهلت الإجراءات الإدارية للتعريف بالمنتوج السياحي.
ستكون مبادرات مماثلة مستقبلا، فبعد ندوة السفراء التي ترأسها رئيس الجمهورية، استقبلت خمسة سفراء وسأستقبل خمسة سفراء آخرين والهدف من ذلك التعريف بالوجهة السياحية الجزائرية في الخارج.
مقاربتكم في الترويج لوجهة السياحة الجزائرية في الخارج؟
في سبعينيات القرن الماضي، كانت الجزائر وجهة سياحة مفضلة للسياح من أوروبا، لذلك نسعى حاليا لاستعادة الأسواق الكلاسيكية، خصوصا مع الدول الصديقة والتي لدينا معها علاقات اقتصادية، بالتنسيق مع مسؤولي البعثات الدبلوماسية.. المقومات موجودة نحتاج فقط أن ندرك كيف نروج للمنتوج السياحي.
يوجد جانب آخر، أثناء جائحة كورونا السنة الماضية، كانت فرصة للتعريف الجالية الجزائرية بالخارج بالوجهة السياحية في الجزائر، ونهدف إلى استقطاب الجالية لقضاء عطلتها في الجزائر في موسم الاصطياف المقبل، واستقطاب –أيضا- أكبر عدد ممكن من السياح الأجانب.
ما توقعاتكم؟
طموحنا كبير، نعمل على استقطاب أعداد كبيرة من السياح، لكن هذا توقف على عديد العوامل.
رئيس الجمهورية وافق على مقترح منح تأشيرة جماعية للسياح الأجانب
ماذا عن تسهيل استقطاب الوفود السياحية الأجنبية، خاصة ما تعلق بالتأشيرة؟
تعلمون أنه يوجد مبدأ التعامل بالمثل في منح التأشيرة، صحيح التأشيرة الجزائرية صعبة، لكن هذا ليس من فراغ، الجزائر مستهدفة في استقرارها، لكن سيكون فيه تنسيق مع وزارة الخارجية لتوفير تسهيلات أكبر.
رئيس الجمهورية وافق على مقترح منح تأشيرة جماعية للسياح الأجانب، السياح يأتون إلى الجزائر جماعات وعن طريق وكالات سياحية معتمدة، وبالتنسيق بين وزارتي السياحة والشؤون الخارجية، وسيتم تقديم التأشيرة للسياح الفعليين في آجال جد مرضية.