الخروج من عنق زجاجة الأزمة المزدوجة الصحية والاقتصادية يلوح في الأفق، مع عودة تدريجية لمسار النمو وفقا لمؤشرات أفصح عنها صندوق النقد الدولي (أفامي)، المعروف بصرامة التقييم ودقة التحليل إلى درجة يزيح من حساباته الجانب الاجتماعي.
أمر توليه الدولة عناية مميزة أكدها أكثر من مرة الرئيس تبون، قناعة بالمرجعية النوفمبرية التي وضعت الإنسان في قلب معادلة تحرير البلاد من براثين الاستعمار الغاشم.
موازاة مع البناء المؤسساتي الذي استكمل بتأسيس المحكمة الدستورية وتجديد المجالس الشعبية المحلية، هناك مؤشرات لا تقبل التأويل تفيد بأن المعالم التي تم رسمها للمستقبل تنير الطريق أمام عجلة الاقتصاد لتتحرك بأكثر قوة وسط مناخ يستدعي من كافة الشركاء المساهمة في تطويره وتعزيز كل ما هو إيجابي بما يعطي للبلاد مناعة أكثر في مواجهة تحديات تتطلب مضاعفة الجهود وتعزيز التوازنات الكلية المحققة بتضحيات لا تهون.
من بين ما رصده «الأفامي»، الذي له تجربة مؤلمة مع الجزائر، عنوانها إصلاحات هيكلية إبان تسعينيات القرن الماضي وما ترتب عنها من تداعيات اجتماعية زادت من شدة الأزمة الأمنية، مؤشر تعزيز نجاعة القطاع العام، إلى جانب مكافحة الفساد وإنجاز التحول الرقمي والانفتاح على الاستثمار المنتج، مفتاح بوابة النمو خاصة مع التعافي المتدرج من وباء كورونا بالتزام المجتمع بالتدابير الاحترازية، بالرغم من بعض التهاون الذي يشكل فجوة يتسلل منها الفيروس القاتل للإنسان وللنمو والرّفاه.
المقاربة التي تقود دواليب المنظومة الشاملة باتجاه بر الأمان، كما ترسمه ورقة الطريق، تهيئ المجال لإصلاحات ذات طبيعة تنموية تستوعب كافة الأطراف المتدخلة في الشأن الاستثماري وفقا لعقيدة إنتاجية، مطابقة لمعايير التنافسية والتصدير، ضمن رؤية دقيقة تؤسس لقطيعة ذكية مع المحروقات مع تحرير أكثر للمبادرة، بما في ذلك على مستوى الجماعات المحلية، التي تنتظرها محطات لتجسيد وعود بالتغيير والتحسين، أمر يمكن متابعته بلغة الواقع.
الآن وقد اكتمل ترتيب السلسلة المؤسساتية، تليها إصلاحات تشريعية في الأمد القصير وقد بدأت بقانوني العقوبات ومكافحة المضاربة، يتبعها القانون التجاري وكل الترسانة حتى يتم تكييفها مع المتغيرات والتطلعات، لا يتطلب الوضع سوى زيادة في وتيرة خوض معركة الاستثمار.