يثار كثير من النّقاشات بين الجزائريّين حول مكانة اللغة الفرنسية وضرورة استبدالها بالإنجليزية، ولكل حججه ودوافعه التي تحرّكه، مع ضرورة التّفريق بين الفرنسية كلغة وثقافة، والدّولة الفرنسية وسلوكها السياسي.
«يمقت» البعض الفرنسية باعتبارها إرثا استعماريا يجب استئصاله والتخلي عنه، طرح يُحترم لكنه قد يقود إلى مفارقة غريبة، كما أنّ الإنجليزية أيضا لغة استعمار (بريطانيا العظمى) أو ما كان يعرف بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشّمس لاتّساع مساحة مستعمراتها.
أحاول أن أكون براغماتيا وأدعم مسعى التخلي عن الفرنسية وفق ثلاثة مؤشّرات قابلة للقياس كميا، الأول يتعلّق بمدى الاستخدام في البحوث العلمية، الثاني مرتبط بالانتشار الجغرافي (عدد المتحدّثين بها)، أما الثالث فيتعلق بالانتشار الرّقمي والتكنولوجي عبر الأنترنت (عدد المستخدمين).
فيما يخص البحوث العلمية، لا تساهم الفرنسية سوى بـ 5 ٪، وأحيانا أقل من مجموع البحوث العلمية التي تنشر سنويا، أمّا الإنجليزية فلها نصيب الأسد بأكثر من 75 ٪، وهي لا تقارن مع أي لغة ثانية، وتعد لغة العلم حاليا بدون أي منازع، لهذا فتحوّل التعليم العالي في الجزائر للإنجليزية له مزايا لا يمكن حصرها.
وفيما يخص الانتشار الجغرافي واللّغات الأكثر استخداما في العالم، تأتي الفرنسية في المرتبة السابعة بعد كل من الإنجليزية (1.3 مليار)، الصينية (1.1 مليار)، الهندية (600 مليون)، الإسبانية (550 مليون)، العربية (300)، البنغالية (268) والفرنسية (267)، وبالتالي من يتقن الفرنسية لن يستطيع التّواصل سوى مع 3.4 ٪ من مجموع سكان المعمورة المقدّر عددهم بـ 7.7 مليار نسمة.
أمّا حول الانتشار الرّقمي عبر الأنترنت فهو نتيجة للمؤشّرات السّابقة، تحتل الفرنسية الرّتبة السّابعة عالميا بعد الإنجليزية (25 ٪)، الصينية (19.4 ٪)، الإسبانية (7.9 ٪)، العربية (5.2 ٪)، الإندونيسية الماليزية (4.3 ٪)، البرتغالية (3.7 ٪) والفرنسية (3.3 ٪).
قد تعطي هذه الإحصائيات دلالة بسيطة عن مكانة الإنجليزية في العالم والمكاسب المتوقّعة في حالة الإحلال اللّغوي، تحديدا والشّعب الجزائري متفتّح لغويا، واستبدال لغة مكان أخرى قد ينجح إن تمّ وفقاً لمنهجية علمية وتخطيط مسبق بعيدا عن الارتجال والشّعبوية.