بلا قناع واق ولا مسافة أمان، يتعامل المواطن الجزائري مع الوضع الوبائي. فبالرغم من التحذيرات المتكررة لمنظمة الصحة العالمية والرفع المشروط للحجر الصحي وتوصيات الخبراء والمختصين، لم تجد تلك الإنذارات أذانا صاغية وسط فشل حملات التحسيس والتوعية في شد انتباه المواطن للإقبال على التلقيح، الذي يعتبره المختصون سبيل النجاة والحماية للشخص ومحيطه.
المتجول في مختلف الفضاءات والمساحات العمومية، يجد أمامه صورة «دون كيشوت» البطل الذي حارب طواحين الهواء تتجسد أمامه، أحمق مهووس بالفروسية لدرجة خلطه بين واقع ووهم أقنعه بأنه الفارس المغوار الذي يذود عن الضعفاء بمحاربة العمالقة الأشرار (طواحين الهواء)، ولعلها نفس ما جعل المواطن يتخلى عن حذره لصالح التراخي واللامبالاة، ضاربا عرض الحائط كل التوصيات، مبعدا عن دائرة اهتمامه صوت صفارة الإنذار بعد تراجع ملفت في الإقبال على التلقيح.
ليكون «الحُمق» سلاح الكثيرين في مواجهة فيروس تعددت «تحوارته» وبينما يواجه دون كيشوت طواحين الهواء بـ «العدم»، يواجه المواطنون الفيروس بصدور عارية بلا درع «اللقاح» أو حماية الإجراءات الوقائية في فروسية «وهمية» «خرقاء» ستكون لا محالة السبب المباشر في ضرب استقرار الوضعية الوبائية.
هو واقع مر يعكس تغليب اللاوعي على الوعي وتسيُّد عقلية «تخطي راسي» على تحمل المسؤولية الاجتماعية لكل فرد تجاه الآخر.
ورغم تعاقب ثلاث موجات تزايدت شدتها وقوتها في كل مرة لم يتوان المواطن بعد كل المآسي والأحزان التي صنعتها «دلتا»، شهر جويلية الماضي، في العودة إلى حياته الطبيعية لما كانت عليه قبل مارس 2020. يكفي أن ترى «تراص» المسافرين في «الترامواي» بدون القناع الواقي، إلا العدد القليل منهم، لتفهم التركيبة اللامنطقية لضمير جمعي فقد بوصلته الأخلاقية في تحديد ما هو خير وما هو شر.
المعادلة العكسية لـ «الخير والشر» جعلت الجهات الوصية «تتفاوض» مع المواطن لتلقي الجرعة الأولى من اللقاح، بينما تُقبل المجتمعات الأخرى على الجرعات المعززة للقاح بعد تلقيهم جرعتين منه. وفيما يترقب العالم الهزات الارتدادية للمتحور «أوميكرون»، ننتظر ما ستسفر عنه معادلة الحمق، اللامبالاة والاستهتار من نتائج في موجة رابعة محتملة.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق