أكد أئمة وباحثون مختصون، اليوم الخميس بالجزائر العاصمة، أن الشيخ احمد حماني، “جسد” بفكره وما قدمه من اجتهادات وفتاوى، “القيم الاساسية للمرجعية الدينية الوطنية”، والتي راعت مصلحة الأمة بكل معانيها السامية.
اعتبر المشاركون في الندوة الفكرية والتكريمية التي، نظمتها قناة القران الكريم الإذاعية تحت عنوان ”أعلام ومراجع…الشيخ احمد حماني العالم والمجاهد والمجتهد”، أن العلامة حماني كان واحدا من المشايخ الذين” التزموا بالمرجعية الدينية والوطنية وتمسكوا بها، مراعيا في ذلك مصلحة الأمة”.
وذكر رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، غولام الله بوعبد الله، والذي كان احد تلامذة الشيخ احمد حماني، أن” سلسلة الندوات التي خصصتها اذاعة القران الكريم لعلماء الجزائر هو بمثابة الوفاء لذاكرة مشايخ لم يقصروا يوما في بذل كل ما في وسعهم من اجل الجزائر”.
وقال إن حماني “كان واحدا من هؤلاء، وقد عمل في حياته للتأسيس لمفهوم الجزائر والدين”، مستذكرا بعضا من خصاله ومنهجه في التدريس بالقول ان “الاساتذة قبيل الثورة التحريرية كانوا يخصصون نصف حديثهم عن الثورة، ما عدا هو فقد جعل مضمون كل حصصه للثورة واهميتها، وكان يعود للجزائر في أي فرع من فروع العلوم التي كان يقدمها لطلبته”.
بدوره عاد صالح بلعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية في مداخلته الى متابعة لبعض من اعمال الشيخ حماني، قائلا انه “كان رمزا يجب ان يرد له الفضل عن كل ما قدمه من اجتهادات بالحفاظ على ذكراه حية لدى الاجيال القادمة”.
من جهتها، اكدت زهور ونيسي الوزيرة السابقة والاديبة، في مداخلتها حول مآثر العلامة أحمد حماني أنه من “واجب الأكاديميين والكتاب وعلماء اليوم العودة الى منجزات الشيخ لتدارسها واستنباط المزيد من الفوائد التي جاء بها”.
وأضافت ان الشيخ الذي كان استاذا لها وتعتبره بمثابة والدها الروحي، “يستحق اليوم أن يكتب عنه وان تقدم البحوث حول ما تركه من ارث كبير”، مسترجعة بعضا من ذكريات الماضي التي احتفظت من خلالها بصور بارزة من معاصرتها للشيخ العلامة.
وقالت انها تحتفظ برسالة بخط يده كان يحثها من خلالها على التفوق في دراستها الجامعية، قائلة انه ”بقدر ما كان محبا للوطن كان محبا للعلم والتعلم”.
واعتبر مولود عويمر، عضو جمعية العلماء المسلمين، في مداخلة بعنوان” مسيرة واثار الراحل العلامة حماني”، ان هذا الاخير “عايش فترة الصحوة الإسلامية وتمكن من فرض نفسه بين علماء كبار حينها، وساهم ايضا بعلمه في صنع جدار حام للجزائر من الفتاوى التي كانت تأتي من خارج البلاد”.
وذكر المتحدث ان” الشيخ عبد الحميد ابن باديس كان قد راسل الازهر بخصوصه لقبوله كواحد من خمس متفوقين من الجزائر”، قائلا انه “جمع خلال مسيرته بين المنهج الإصلاحي والمنهج الثوري”.
وبدوره، قال الدكتور محفوظ بن صغير استاذ الشريعة بجامعة المسيلة ان الشيخ حماني، يعد من ابرز علماء الدين الذين عرفتهم الجزائر في العصر الحديث والذي عرف ايضا بتعدد جوانب التميز في حياته ومساره.
وقال انه كان” متعدد المواهب فهو مصلح اجتماعي وفقيه ومفتي عاش هموم امته وعمل على النهوض بها بطلب العلم او ارتقى بعلمه وجهده الى عالم مارس الفقه والفتوى محافظا في نفس الوقت على المرجعية الفقهية الدينية الوطنية”.
وأجمع المتدخلون في هذه الندوة على ان العالم الجليل كانت له فتاوى وصل صادها الى كامل العالم الاسلامي، خاصة أنه كان أول من أفتى بجواز نقل الأعضاء من الموتى إلى الاحياء” وان الجزائر برحيله فقدت واحدا من رجالها العظماء.
وعن تنظيم هذه الندوة قال حمدي عيسى مدير قناة القران الكريم الاذاعية، ان هذه الاخيرة” ستشرع في سلسلة ندوات تخلد ذكرى علماء الجزائر احياء للموروث الديني والفكري لعلماء الوطن خلال فترة ما بعد الاستقلال، على ان تشرع لاحقا في سلسلة اخرى تخص علماء الجزائر في فترة الاستعمار لتصل الى ابرز ما قدمه علماء الحواضر العلمية والدينية بها سابقا”.
وقال ان “تخصيص هذا العدد من الندوة للمجاهد المجتهد والذي يعد مرجعا في المدرسة المالكية واحد اقطاب الفكر الإسلامي المستنير المتبحر في علوم الفقه والشريعة بجرأة لم تخل من الوقار والوطنية المتشبعة بقيم المجتمع كمدرسة تستلهم منه الأجيال واسلوب حياة يسهم في أسس بناء الجزائر الجديدة بالاعتماد على ارث قاماتها في العلوم المختلفة والتي يرجى منها الفائدة في سياق تامين المجتمع واحداث النهضة التي تستحقها الجزائر”.
يذكر أن الشيخ أحمد حماني (1915/ 1998) من مواليد بلدية العنصر بولاية جيجل يعد مرجعا ومدرسة تعدت شهرتها حدود البلاد، وكان الراحل تلميذا للشيخ عبد الحميد بن باديس، كما كان رئيسا للمجلس الإسلامي الأعلى.