أكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان، بوزيد لزهاري، أن التقرير السنوي حول حقوق الانسان لسنة 2020 الذي رفع الى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ركز على وضعية المنظومة الصحية في ظل تفشي وباء كوفيد-19، مثمنا تعامل السلطات العمومية مع هذا الوباء والارادة السياسية القوية في مجابهته.
وقال لزهاري في حديث خص به وأج، عشية الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الانسان المصادف للعاشر ديسمبر من كل عام، أن المجلس “انتهى من تقريره السنوي حول وضعية حقوق الانسان في الجزائر لسنة 2020 وقد تم ارساله الى رئيس الجمهورية”، مشيرا إلى أن الوثيقة ترتكز على كوفيد-19 من خلال تحليل المنظومة الصحية الوطنية منذ تفشي الوباء ومحاولة تقديم الحلول للنقائص التي تعتريها هذه المنظومة والدعوة إلى إعداد قوانين خاصة تجعلها تضطلع بالمهام الموكلة لها في هذه الظروف الاستثنائية باشراك جميع الفاعلين والقطاعات.
وأكد أن الجزائر “تعاملت مع تفشي فيروس كورونا بحكمة وبذلت مجهودات كبيرة رغم بعض النقائص”، مشيرا الى أن “الارادة السياسية القوية مكنت من اتخاذ اجراءات حاسمة وفي الوقت اللازم لتفادي الوقوع في كوارث صحية وهوما دفع المنظمة العالمية للصحة الى تهنئة الجزائر” سيما ما تعلق الاجراءات الاستباقية المتخذة لدى ظهور الحالات الاولى من الجائحة.
وقال المسؤول إن الأزمة الصحية الناجمة عن هذا الوباء” أعطتنا الفرصة لنرى عيوب المنظومة الصحية وكم هو مهم ذلك، وبالتالي الاهتمام بها وتدعيمها ماديا وماليا وبشريا وذلك بإشراك الجميع”، داعيا إلى إرساء ديمقراطية “تشاركية” تسعى إلى إيجاد الحلول “المعقولة والعملية” للنقائص المسجلة “بعيدا عن العمل البيروقراطي غير الواقعي”.
وفي تطرقه الى وضعية حقوق الانسان في الجزائر، أكد رئيس المجلس أن هناك عمل “دؤوب” من أجل تجسيد حقوق الانسان في البلاد وأن الدستور الجديد أعطى “دلالات واضحة” على أن الدولة قوامها الاول والاخير احترام حقوق الانسان.
واستدل السيد لزهاري في هذا المقام بـ”الاضافة الكبيرة” التي وردت في الدستور الجديد اضافة الى ما كان موجودا خاصة بخصوص الاخذ بنظام التصريح بدل الترخيص بالنسبة لـ4 حريات هي التظاهر السلمي والتجمع السلمي وانشاء الجمعيات وانشاء الصحف.
وبحسب رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان، هذه الخطوات “الكبيرة” لا تكفي لوحدها بل تستدعي الاسراع في إصدار مختلف القوانين العضوية بما في ذلك القانون المرتبط بالمادة 40 من الدستور التي تدين العنف ضد المرأة وتلزم الدولة على حمايتها في كل الظروف والأمكنة.
وفي رد على سؤال حول “تجاوزات” تكون قد سجلت في مجال احترام حقوق الانسان في الجزائر، أكد لزهاري أن الامور “ليست دائما وردية بل ثمة انتهاكات تمارس هنا وهناك لكن جميعها نابعة عن أفراد وليس عن مؤسسات دولة بحد ذاتها”، داعيا بالمقابل المجتمع المدني والافراد الى “التقرب من المجلس للتبليغ عن هذه الممارسات بوثائق وأدلة”.
وفي تعقيبه على تقارير تتحدث عن وضعية حقوق الانسان في الجزائر بطريقة كثيرا ما وصفت بـ”غير الموضوعية”، قال لزهاري ان هذه التقارير تؤكد “عدم وجود حالات اغتيالات أو اختفاءات قصرية وغياب سياسة عامة ممنهجة للتعذيب في الجزائر الا أنها تسجل وجود تضييق على حرية الصحافة وعلى التظاهرات السلمية والتجمع السلمي وعلى تكوين الجمعيات وهو الأمر الذي تمت معالجته في الدستور الجديد”.
أما عن معتقلي الرأي، أكد المتحدث أن قانون العقوبات في الجزائر “لا يعاقب الناس بمجرد أنهم أبدوا رأيا كما أن سجن الصحفي ممنوعا بموجب الدستور الا أن الامر يتعلق بإمكانية متابعة الصحافي على أساس خرقه للقانون العام والتجمهر غير المرخص خارج اطار عمله العادي”، معبرا عن “قناعته بأن العيب يكمن في المادة 79 من قانون العقوبات التي طالبنا بأن تكون أكثر دقة من خلال العمل بمبدأ الدفع بعدم الدستورية في القضايا المرتبطة بسجن الصحافيين”.
وتساءل عن الارقام المقدمة من طرف بعض الجهات التي تقر بوجود حوالي 300 معتقل رأي في السجون، قائلا: “لو فرضنا أن هذه الارقام صحيحة، لماذا لا يتم تبليغنا نحن كجهة تدافع عن حقوق الانسان؟”.
وتأسف رئيس المجلس في هذا الخصوص لعدم تطرق الكثير من التقارير الوطنية أو الدولية لحقائق تتعلق مثلا بمسعى اطلاق سراح أكثر من 14 الف سجين خلال هذا العام في اطار قانون محاربة خطاب الكراهية الذي هو خطر على الوحدة الوطنية.
وفي سياق ابداء رأي المجلس حول الأفارقة المتواجدين على أرض الجزائر، شدد ذات المسؤول على أن الجزائر “تتعامل مع هذه الوضعية الصعبة من منطق الكرامة الانسانية ولن تكون الجزائر أبدا الدركي الذي يحمي الدول الغربية، إلا أننا بالمقابل نحترم هؤلاء الأفارقة كبشر ولا نشيع خطاب الكراهية تجاههم ونحاول مساعدتهم من أجل استقرارهم في بلدانهم الاصلية”.
وأكد أنه من “الضروري وجود نظرة دولية لمعالجة هذه الظاهرة والأسباب المؤدية اليها”.