أيام معدودة عن موعد الانتخابات الليبية، وبالرغم من قصر المسافة الفاصلة عن هذه المحطة الحاسمة، هناك أصوات وجهات ما زالت تدعو إلى تأجيل هذه الاستحقاقات بالنظر إلى أن «الظروف غير مهيأة» لتنظيمها، وبأن إجراءها دون إطار قانوني «قاعدة دستورية» متفق عليه من طرف جميع الفواعل الليبية المتصارعة، قد يفجر أزمة أخرى – ليبيا في غنى عنها – وهي أزمة شرعية الرئيس المنتخب، وما يترتب عن ذلك من انسداد سياسي وربما العودة إلى المربع الأول.
المبررات التي يطرحها دعاة تأجيل الانتخابات، «واقعية ومنطقية»، فالجميع يتحسّس بأن الظروف المحيطة بهذا الحدث التاريخي لا تسمح بتنظيم استحقاق يستجيب لتطلعات الشعب الليبي الذي يعاني من عدم الاستقرار منذ عشر سنوات، كما أن الجدل الدائر حول بعض الأسماء المترشحة والتحفظات المرتبطة بنظافة بعضها، يضع العملية الانتخابية كلها على المحكّ، ويرفع من حدة المخاوف، خشية أن يعيد المسار الانتخابي بشكله الحالي، فتح أبواب جهنم على الليبيين بدل غلقها كما هو مأمول.
لكن على الرغم من هذه المخاوف المشروعة، والنقائص المحيطة بالعملية الانتخابية، اعتقد – كما يعتقد كثيرون – بأن التأخير قد لا يكون الخيار الصحيح، لأنه لن يغير من واقع الظروف الجارية على الأرض، وحالة الانقسام والتجاذبات أي شيء.
لا أظن أن تأجيل هذه الانتخابات لشهر أو شهرين، سيبدّد الخلافات،وينهي الصراعات بين الجهات الفاعلة على الساحة السياسية والتي تتمسّك كل واحدة منها بأحقيتها في الترشح والفوز بقيادة ليبيا.
كما أتصور، لا حل أمام الليبيين وهم أمام هذا المنعطف الحاسم والخطير، غير إجراء الانتخابات في الموعد المحدد والقبول بالنتائج، وعلى المترشحين أن لا يضعوا العربة أمام الحصان، وفي حالة الهزيمة عليهم أن يسلّموا بالأمر، ويمدّوا يد الدعم للربان الجديد ليقود سفينة ليبيا إلى بر الأمان.
يبقى الخطر القائم، هو الذي تفرضه المجموعات التي دأبت على عرقلة كل تقدّم نحو استتباب الأمن والاستقرار بليبيا، فهذه الكيانات الطفيلية المرتبطة بأجندات خارجية والتي نراها اليوم تحتج هنا وتعتصم هناك لنشر أجواء التوتر والتشويش على المسار الانتخابي، يجب أن تحاصر ويحجّم دورها.
باختصار، ليبيا يجب أن تنهي عمليتها السياسية بهدوء وسلام، لتنتخب رئيسا وبرلمانا وتشكل حكومة تتولى إدارة شؤون الناس، وحتى إن اعترضتها مشاكل وعراقيل، فالأمر طبيعي بالنظر إلى ما عاشته خلال العقد الماضي، وبالوحدة والعمل المشترك والحوار يمكن بناء دولة قوية تسع الجميع.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق