ستقف فرنسا وجهاً لوجه أمام جرائمها التي يختزنها أرشيف التحقيقات القضائية لقوات درك وشرطة الاحتلال أثناء الثورة التحريرية في الفترة الممتدة بين 1954 و1962، بعد إعلان وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو، أمس، عن رفع السرية عن أرشيف “التحقيقات القضائية” في خطوة استباقية وقبل 15 سنة من موعدها القانوني.
قرار جاء بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسية، الأربعاء الماضي، للجزائر، في خطوة هي الأولى بعد أشهر من أزمة العلاقات الجزائرية – الفرنسية والتي جاءت على خلفية تصريحات الرئيس الفرنسي المشكِّكة في وجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي لها.
وجاء هذا القرار ثالثا بعد استرجاع الجزائر لجماجم شهداء المقاومة خلال فترة الاستعمار الفرنسي جويلية 2020، وقرار ماكرون تسهيل الوصول إلى محتويات الأرشيف السري الذي يزيد عمره عن خمسين عاما ومن ضمنه وثائق فترة الثورة الجزائرية في 11 مارس الماضي.
إضافة إلى اعترافه بتعرّض المحامي والمناضل الشهيد علي بومنجل للتعذيب والقتل في 23 مارس 1957 على يد الجيش الفرنسي وبأمر من الجنرال بول أوساريس، الذي اعترف بجريمته سنة 2000، ليسبقه قبل ذلك اعتراف بمسؤولية فرنسا في قتل وتعذيب موريس أودان الفرنسي شهيد الثورة التحريرية الجزائرية في 2018.
الاعترافات السابقة كشفت عن جانب الإجرام والتعذيب للجيش الفرنسي تجاه الجزائريين، فبالرغم من محاولاتها إخفاء هذا الوجه المظلم واللاإنساني في تعاملها مع الشعب الجزائري، لم تستطع الصمود أمام إصرار الجزائر على بناء علاقات بين البلدين أساسها الاحترام المتبادل، ولن يكون الاحترام بعيدا عن اعتراف فرنسا بجرائمها.
تعلم فرنسا جيدا أن الجزائر لن تقبل بناء علاقة دبلوماسية على حساب تاريخ شعب ذاق خلال 132 سنة كل أنواع الجرائم ضد الإنسانية، من الإبادة الجماعية إلى استعمال جزائريين كفئران تجارب في التجارب النووية في الصحراء الجزائرية، إلى التعذيب والتهجير القسري والسلب والنهب لممتلكات الأفراد، لذلك هي “تحاول” في كل مرة من أجل إعادة حبل “الثقة” بين البلدين.