أكد المترجم محمد ساري أن وضع الترجمة في الجزائر معقد لأسباب متعددة، أهمها الازدواج اللغوي عربي-فرنسي والإرث الاستعماري.
يقول المترجم إن الترجمة الأدبية في الجزائر بقيت سنوات عديدة ملتصقا بترجمة جزائرية-جزائرية، أي أن أغلبية الترجمات التي أنجزت منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، انصبت على ترجمة الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية إلى العربية.
وأضاف محمد ساري، في منتدى “الترجمة الأدبية والتاريخية في الجزائر: واقع وآفاق” الذي نظمته الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي بالتعاون مع المكتبة الوطنية، أن هذه المهمة باشرها في الستينيات والسبعينيات كل من سامي الدروبي، ملك الأبيض وحنفي بن عيسى، وشملت تعريب روايات محمد ديب، مالك حداد، كاتب ياسين، مولود فرعون، آسيا جبار .
وأشار الروائي محمد ساري إلى أن أغلبية الترجمات لا تزال إلى يومنا هذا لم تتعد هذا الحقل.
وقال المتحدث ان الترجمة إلى اللغات الأخرى اقتصرت في عمومها على ما قام به مارسيل بوا، في ترجمته لأدب عبد الحميد بن هدوقة وواسيني الأعرج، وأضاف قائلا: “ينبغي الإشارة هنا إلى أن الأدب الجزائري الفرنكفوني المنشور في باريس يحظى بترجمات كثيرة على خلاف نظيره المكتوب بالعربية والمنشور في المشرق العربي.
وعن الترجمة التاريخية، يقول محمد ساري ان الوضع معقد، فقد أدى الإستعمار الفرنسي للجزائر إلى بروز ظاهرة الكتابة عن المجتمع الجزائري وتاريخه من طرف عسكريين ومبشرين ومؤرخين محترفين فكانت هذه الكتابات خاضعة لضروريات إستعمارية، ما أدى إلى توجيهها لخدمة وتبرير فعل “التمدين الحضاري” المزعوم .
وأكد المترجم بوداود عمير، في محاضرته المعنونة “حاجتنا الماسة على الترجمة، خدمة لثقافتنا الوطنية وتاريخنا”، أن الجزائر رغم إمكانياتها المادية والبشرية، ووجود نخبة من المترجمين الجزائريين المتميزين، لكنها متأخرة عن ركب الترجمة بالقياس إلى بعض الدول العربية.
وقال المحاضر إن أبرز المترجمين الجزائريين اكتفوا بترجمة أعمال أدبية جزائرية فقط، ولم تتجاوز أعمالهم ترجمة أعمال عالمية كما هو الشأن في بلدان عربية أخرى.
وأشار أيضا إلى أن الترجمة من اللغة العربية إلى لغات العالم تكاد تكون منعدمة في الجزائر.
وقد أرجع المحاضر السبب في ذلك إلى غياب خطة إستراتيجية تهدف على تشجيع الترجمة عن طريق دعم دور النشر الجزائرية التي تضع الترجمة في سلم أولوياتها، وتسعى كذلك إلى تحفيز المترجمين الحقيقيين وتعمل خاصة على ضمان حقوقهم المادية والمعنوية.
ودعا بوداود عمر إلى ضرورة ترجمة الأعمال الأدبية والكتب التاريخية الغربية التي تنصف الذاكرة الوطنية .
من جهته، تناول الدكتور عبدالرزاق عبيد، في محاضرته، رهانات المترجم والتي حددها في سعة المهمة الملقاة عليه، وضرورة أن يكون ملما بحياة المؤلف وعلى إطلاع بالحياة السياسية والثقافية والإجتماعية والإقتصادية للزمن الذي كتبت فيه الرواية.
وقد أكد المحاضر على أن هذه الرهانات لسانية فمثلا على مستوى المفردات: يجب معرفة الفصيح منها والعامي.. وأخرى ثقافية كمعرفة الطقوس الاجتماعية.
وتحدث المترجم جمال لاصب، عن الأعمال الأدبية الكبرى التي ترجمت إلى الامازيغية وأهم المترجمين اليوم عبدالله محي وحبيب الله منصوري ومحمد أعراب آيت قاسي.
وتناول المحاضر واقع الترجمة من وإلى الأمازيغية .
للإشارة، نظم معرض يحوي كتبا مترجمة في الجزائر.
وتتواصل فعاليات منتدى الترجمة الأدبية والتاريخية في الجزائر “واقع وآفاق ” اليوم الثلاثاء بالمكتبة الوطنية الحامة.
ويعكف المشاركون من باحثين وأساتذة جامعيين على سرد ما أنجز من دراسات في حقلي الترجمة الأدبية والتاريخية، وما ينبغي فعله لترقية فعل الترجمة ووضع الترجمة في حقلها المتعدد الابعاد.
وسيتم أيضا تكريم المترجم أحمد بن محمد بكلي وجيلالي خلاص .
ذهبية عبدالقادر