لم يغفل الوزير الأول وزير المالية طبيعة السّوق حين أشار إلى ضرورة التركّيز على جانب جودة المنتوج، عوض البحث عن حمايته بإجراءات تقيه التلاشي أمام المنافسين.. وواضح أنّ “إجراءات الحماية” ليست ـ في المقام الأول ـ سوى العيش على حساب الخزينة.. أي على حساب المواطن الذي يدفع مرّة من أجل الحصول على منتوج رديء، ويدفع مرّة ثانية كي يحافظ على بقاء المنتوج الرديء، بينما تزخر الأسواق، في كافة أنحاء العالم، بمنتوج يجمع بين جودة التصنيع والسّعر معا..
«التنافسية لا الإجراءات الحمائية”.. هكذا قالها صريحة الوزير الأول، ليقلب صفحة شنيعة من تاريخ الاقتصاد الوطني المعتمد أساسا على الرّيع، المغرق في الاتكالية، المريض بالجهوية والحسابات الضيّقة، دون أن يضع في حسبانه شعبا كاملا، لم يعد يفكّر إلا في اللّهث وراء لقمة العيش، رغما عن أقواته الموفورة، وإمكاناته المقتدرة..
أيمن بن عبد الرحمن، كما نراه، يخاطب المؤسسات الاقتصادية جميعها، كي تعلم أنّها ينبغي أن تكون في مستوى طموح الوطن، وتعمل على الرقيّ بالاقتصاد الوطني ليكون فاعلا على المستوى العالمي من خلال التنافسية التي يفرضها بالجودة، ويتخلّص نهائيا من فكرة الإجراءات الحمائية التي تتواصل منذ عشرات السنين دون أن تنفع في شيء.. ولقد آن الأوان فعلا، للتخلّص من البراديغمات القديمة، والنزوع نحو مستقبل أوسع أفقا بالنسبة للقطاع الاقتصادي، لأن هذا القطاع هو المحرّك الفعلي لكلّ الجهود الأخرى..
..لكن الجودة تقتضي الكفاءة، والكفاءة مناطها المعرفة، والمعرفة تحتاج إلى كثير من الصّبر، وكثير من الجهد، غير أنّ مجتمع الشّباب عامر بمن هم الأكْفَاء الذين ينبغي أن تتاح لهم الفرص كي يبرهنوا على أحقيّتهم في التّسيير، فلا نرهن المستقبل بين أيادٍ تجاوزها الزمن، أما حماية المنتوج الوطني فقد تكون صالحة – كما قال الوزير الأول -للعام والعامين فقط، فالسوق لا تحتمل المغفّلين..
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق