تطوي الجزائر اليوم، عامين من عهدة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، شهدت فيها البلاد تطورا ملحوظا على جميع الأصعدة وتغييرا جذريا وعميقا في التسيير مست جميع القطاعات.
وبعد عامين من حكم الرئيس تبون، جسدت العديد من الالتزامات التي تعهد بها في حملته الانتخابية، مستهدفا تأسيس جمهورية جديدة.
اتخذ الرئيس تبون مقاربة مدروسة منذ تأديته اليمين الدستورية في 19 ديسمبر 2019، منطلقا في تجسيد برنامجه لاستكمال البناء المؤسساتي على قواعد صلبة رغم الظرف الصحي والاقتصادي الصعب.
مراجعة الدستور
انطلقت مرحلة التغيير بمراجعة شاملة للدستور، حيث سمحت المصادقة على مشروع الدستور الجديد عبر الاستفتاء، للجزائر، بالدخول في عهد ديمقراطي جديد متوجا بذلك مسار بادر به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون غداة انتخابه رئيسا للجمهورية.
واندرج الدستور الجديد في اتجاه بناء جمهورية حديثة وعصرية، من شأنها تجسيد مطالب الجزائريين التي عبروا عنها في الحراك الأصيل.
بعد أقل من شهر على انتخابه، أنشأ الرئيس تبون لجنة خبراء مكلفة بصياغة مقترحات لمراجعة الدستور، برئاسة أستاذ القانون الدولي العام، وعضو لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، أحمد لعرابة.
وقدم لعرابة مسودة تتضمن محاور تدور حول الحقوق والحريات العامة واستقلالية العدالة والشفافية ومكافحة الفساد، وأخرى تتعلق بتحديد تجديد العهدة الرئاسية بمرة واحدة فقط والفصل بين السلطات وتوازنها.
ووافق الشعب الجزائري على المشروع في استفتاء شعبي، فكان التعديل الدستوري لبنة أولى لحياة سياسية جديدة في البلاد.
ورغم مضاعب فرضها تفشي جائحة كورونا، تجاوز الرئيس تبون التحدي وأوفى بالوعد الذي قطعه على نفسه أمام الشعب بشأن تعديل الدستور عن طريق الاستفتاء في ظرف وجيز.
اعتبر العديد من المختصين والخبراء هذا التعديل الدستوري مرسخا لمبدأ العدالة الاجتماعية والطابع الاجتماعي للدولة، على اعتبار انه من المبادئ التي لا يمكن لأي تعديل دستوري المساس به.
إصلاح سياسي
ومن أجل تكريس مسعى إعادة بناء مؤسسات الدولة دائما، تمت مراجعة قانون الانتخابات، الذي أعقبه انتخابات تشريعية ومحلية أفرزت مجالس منتخبة جديدة.
فقد صادق مجلس الوزراء، على مشروع قانون الانتخابات في نسخته النهائية، في اجتماع ترأسه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تضمن العديد من التوجيهات والمحاور بهدف تعزيز الشفافية والنزاهة ودعم الديمقراطية التشاركية، وتشجيع الشباب والنساء على الانخراط في العمل السياسي.
وتوجت هذه الإصلاحات بإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في 12 جوان الماضي، بعد تعديل دستوري وقانون انتخابي جديد، عبر عن النية في إخراج البلاد من أزمة سياسية ألقت بضلالها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
وأفرزت هذه الانتخابات التشريعية المبكرة، حسب المتتبعين، نخبة لها دور في بناء الجزائر الجديدة وتصحيح اختلالات في المسار الديمقراطي.
ووصلت رحلة التغيير واستكمال البناء المؤسساتي إلى محطة أخيرة عبر إجراء انتخابات ولائية وبلدية يوم 27 نوفمبر الفارط، أي بعد ستة أشهر فقط من الانتخابات التشريعية.
وأفرزت هذه الانتخابات مجالس محلية جديدة، هي من صلب التزامات الرئيس تبون في الجانب السياسي، الذي اعتبر في أكثر من مناسبة، أن التغيير الذي طالب به الجزائريون في مسيرات الحراك الشعبي، يتحقق من خلال التغيير في المؤسسات وليس الأشخاص.
مخطط إنعاش اقتصادي
ويعتبر ملاحظون أن الجزائر تسير اليوم نحو تكريس دولة القانون والعدالة الاجتماعية، وقطعت أشواطا في مسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
في الشق الاقتصادي، تحققت الكثير من الأهداف في إطار برنامج طموح للانعاش الاقتصادي، من خلال الانطلاق في تصدير المواد المصنعة محليا لتحقيق زيادة تتراوح بين 2 و3 مليار دولار وبلوغ أكثر من 4 مليار دولار صادرات خارج المحروقات.
وانتهجت خطة قائمة في بناء سياسة صناعة تنافسية، وفلاحة متنوعة، وقطاع خدماتي متطور، يكون بديلا مستداما للخروج من تبعية مفرطة لعائدات النفط.
ومنذ توليه الحكم تبنى الرئيس تبون سياسة جديدة في التنمية من دون الاعتماد على البترول، واستبدال المنتجات المستوردة بالمنتجات المحلية بهدف توفير احتياطي الصرف، وإنشاء ومضاعفة الشركات الناشئة، إلى جانب تعزيز الدور الاقتصادي للجماعات المحلية في تطوير وتنويع اقتصاد البلاد، وتحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار، بما في ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر.
مكاسب أخرى
إلى جانب كل هذا، هاهم الإصلاح السياسي في تحرير مجتمع مدني له سلطة مضادة، مع وضع تدابير جديدة لضمان نزاهة الموظفين العاملين في الإدارات العمومية والحكومية.
في عامين، جرى العمل على الفصل بين المال والسياسة وتطوير الصناعات العسكرية والدفاع والأمن، ومراجعة عمل وزارة الخارجية وشبكة الدبلوماسية الجزائرية، وإلغاء الضرائب على الفئات الاجتماعية المحدودة الدخل.