يتفق الملاحظون أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون اتخذ قرارات أقل ما يقال عنها أنها “استثنائية” و”حاسمة” و”اجتماعية بامتياز” في مجالات عديدة، عامين بعد تولي الرئاسة.
منذ تولي الرئيس تبون الحكم فُتحت على الجبهة الاجتماعية ورشات كبيرة، جوهرها “حياة أفضل” للمواطن، لصون كرامته والحفاظ على قدرته الشرائية، وترقية ظروف عيشه.
وكشف عبد المجيد تبون، في ندوة صحافية أعقبت إعلان فوزه في رئاسيات 12 ديسمبر 2019، أولوياته وهي النهوض بالاقتصاد، استرجاع هيبة الدولة ونظافتها ومصداقيتها عند الشعب.
ومن بين أهم التزامات التي قطعها الرئيس على نفسه لبناء جزائر جديدة، في شقها الاجتماعي التنموي، فك العزلة عن المناطق الفقيرة والمهمّشة، وضمان إنجاز كل المنشآت الاجتماعية والاقتصادية من سكنات، ومدن، وطرق، وسدود.. وغيرها، في شكل مشاريع متكاملة، للقضاء بشكل نهائي على الفوارق التنموية من خلال التركيز على المناطق الفقيرة والمهمشة بشكل أولوية.
تنمية مناطق “الظل”
البداية كانت من لقاء الحكومة بولاة الجمهورية ورؤساء المجالس الشعبية الولائية والبلدية شهر فبراير 2020 أعطى الرئيس تبون تعليماته بوجوب إجراء مسح شامل لما سمي بـ “مناطق الظل”، مسجلا قناعته بانه “لا يمكن الحديث عن الجزائر الجديدة دون تنمية هذه المناطق”.
بعد أقل من شهر عن هذا اللقاء، أعلن الوزير الأول مطلع مارس 2020، وضع مخطط استعجالي للتكفل باحتياجات سكان تلك المناطق، قصد تقليص فوارق التنمية عبر كامل التراب الوطني.
في أوت من نفس السنة، استدعى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الولاة لتقييم مدى التزامات الولاة بالتعليمات التي أسداها لهم، ومدى تطبيق توصيات، خاصة ما تعلق بملف التنمية، والقضاء على مناطق الظل.
وفي لقاء الحكومة مع الولاة الذي افتتحه الرئيس تبون في سبتمبر من السنة الجارية، شدد الرئيس على ضرورة رفع الغبن عن مناطق الظل وتثمين قدرات بعض المدن الكبرى، وأكد الرئيس على طي ملف مناطق الظل قبل نهاية السنة الجارية، ودعا إلى تقسيم إداري جديد تتم فيه ترقية ولايات منتدبة جديدة في الهضاب العليا وفي شمال البلاد.
وفي اللقاء نفسه، أكد الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان أن توصيات الرئيس تبون هي ورقة طريق لعمل الحكومة، وطالب في سياق انعاش مداخيل البلديات لتحقيق تنمية حقيقية ومستدامة، بفتح ورشات اصلاح الجباية المحلية في “أقرب الآجال” بهدف ضمان تمويل “مستقر” للجماعات المحلية.
وأوضح الوزير الأول أن “ورشات الاصلاح الواجب فتحها في أقرب الآجال تتعلق بإصلاح الجباية المحلية والجانب المرتبط بالتضامن بين الجماعات المحلية وتطوير مردودية إرادات الاملاك المحلية وتلك المرتبطة بمراجعة مسار النفقات المحلية”.
احصائيات..
كشف وزير الدولة وسيط الجمهورية إبراهيم مراد أن الجزائر أحصت إلى غاية نهاية جوان المنصرم 513 13 منطقة ظل موزعة على 1357 بلدية، هذه آخر الاحصائيات التي أعلن عنها وزير الدولة، وسيط الجمهورية إبراهيم مراد.
تحتاج هذه المناطق، حسب وسيط الجمهورية 198 43 مشروعا بتكلفة مالية تتجاوز الـ 590 مليار دينار جزائري” حتى تتحسن حالتها وترفع مستوى التنمية المحلية .
من جهة أخرى، بلغت المشاريع الممولة حتى جوان المنصرم، حسب المصدر، 115 24 مشروعا رصد له غلاف مالي يزيد عن 323 مليار دينار جزائري.
وفيما يخص وضع المشاريع المنجزة، تشير الحصيلة إلى أزيد من 11 ألف مشروع تم استلامها وهو ما يمثل 46 % من المشاريع الممولة”، وخصصت لهذه المشاريع المحققة ميدانيا أكثر من 123 مليار دينار جزائري، استفاد منها ما يقارب 4 ملايين ساكن موزعين على 6118 منطقة، من إجمالي 7 ملايين ساكن محصى بمناطق الظل، حسب المصدر ذاته.
وفي عهد الرئيس تبون، وفي سابقة في تاريخ الجزائر، أجري أول اجتماع حكومة خارج الجزائر العاصمة وقصر الحكومة، بولاية خنشلة، بأمر من الرئيس للتطرق إلى البرامج التنموية التي ستكرس في هذه الولاية.
وجاء الاجتماع لوضع خارطة الطريق لتنفيذ البرنامج التكميلي للتنمية لفائدة ولاية خنشلة، الذي تمت المصادقة عليه، في إجتماع الوزراء الذي عقد في الثالث أكتوبر 2021.
خارطة الطريق هذه تندرج ضمن مقاربة شاملة للاهتمام بالـمشاريع ذات الأولوية تمكن من تحقيق تنمية مستدامة لهذه الولاية، عن طريق توجيه الاستثمارات العمومية إلى المجالات والقطاعات الخالقة للثروة، ولمناصب الشغل وتشجيع البنوك والمؤسسات المالية على تمويل المشاريع الموائمة لطبيعة المنطقة، خاصة في الصناعات الغذائية، الفلاحة والسياحة الحموية.
وخصصت الحكومة، غلافا ماليا يتجاوز 113 مليار دينار لتنفيذ البرنامج التكميلي للتنمية بولاية خنشلة، في قطاعات مختلفة.
ٱخر لبنة في إعادة بناء مؤسسات الدولة
أمر الرئيس تبون باصلاح نصوص قانون البلدية والولاية، لتعزيز الدور الاقتصادي للبلديات، ما يسمح ببروز اقتصاد محلي حقيقي يشكل إحدى دعائم التنمية والنمو الاقتصادي لبلادنا.
ونصبت بتاريخ 05 أكتوبر 2021، ورشات مراجعة قانون البلدية وقانون الولاية.
وتتشكل ورشات مراجعة النصوص القانونية من ممثلين عن غرفتي البرلـمان وولاة، وممثلين عن الدوائر الوزارية الـمعنية.
ويشرف على أشغال هذه الورشات، قطاع الداخلية، لتعزيز اللامركزية التي سطرتها السلطات العمومية، علما أنه ينبغي إتمام أشغال هذه الورشات قبل نهاية العام الجاري مع اقتراح الآليات القانونية الملائمة في هذا المجال.
وتتضمن التعديلات 5 ورشات، حسب ما قاله عضو لجنة تعديل قانون الجماعات المحلية بالمجلس الشعبي الوطني سليم تبوب لـ”لشعب اونلاين”.
في 27 نوفمبر الفارط توجه الناخب الجزائري لمكاتب الاقتراع لاختيار ممثليه المحليين في آخر محطة لاستكمال بناء مؤسسات الدولة، حسب التزامات رئيس الجمهورية.
وسبق المرحلة، إصدار أمر يعدل بعض أحكام قانون البلدية من أجل مجانستها مع نظام الانتخابات الجديد، لاسيما الجانب المتعلق برئيس المجلس الشعبي البلدي ونوابه، وهو المطلب الذي لطاما نادت به أحزاب سياسية وفاعلين في المشهد السياسي.
واعتبر الرئيس تبون أن التغيير الذي طالب به الجزائريون في مسيرات الحراك الشعبي المبارك ، منذ 22 فبراير يتحقق من “خلال تغيير المؤسسات وليس الأشخاص”.
وبتنظيم الانتخابات المحلية، يكون الرئيس الجزائري أغلق الورشة السياسية الكبرى التي استهل من خلالها ما “يطلق عليه الإصلاحات العميقة الرامية للخروج من منطق الحكم الفردي إلى حكم المؤسسات”.
آداة رفع “الحقرة” عن المواطن
عين رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في 17 فيفري المنصرم المنسق السابق لهيئة الوساطة والحوار كريم يونس وسيطا الجمهورية.
وساطة الجمهورية هيئة أنشأها رئيس الجمهورية السابق ليامين زروال، وتم حلها سنة 1999 بعد تولي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليفة الحكم.
عيّن رئيس الجمهورية وسيط الجمهورية، وعين بعد ذلك مندوبين له لإعطاء المفهوم الصحيح لهذه الهيئة، التي استحدثت من أجل مصلحة المواطن وفي إطار “بناء جزائر عادلة ومتساوية ومتوازنة وكذا جزائر متكونة بشرائحها المتعددة”.
وحرص الرئيس أن يكون مندوبي الوساطة على المستوى الوطني “في خدمة المواطنين وأن يتحلوا بالنزاهة وتكون لهم القدرة على الإستماع والصبر والتمييز”.
واعتبر وسيط الجمهورية الهيئة “آلية جديدة لضبط وتنظيم الدولة تفرض نفسها بسبب الدور، الذي يمكن لها أن تقوم به كوظيفة الوساطة والتحكم لدى المواطنين ومحيطهم”، بالنظر الى الدور المنوط بها وهو “السهر على احترام الحقوق والحريات من طرف الإدارات ومؤسسات الدولة والجماعات المحلية والمنشئات” وبالتالي تحسين الخدمة العمومية.
ويكمن دورها في رفع الغبن والظلم عن أي “مواطن يحس أن حقا من حقوقه قد انتهك” والذي بإمكانه اللجوء إلى وسيط الجمهورية والسهر على توجيهه نحو السلطات المختصة”.
ولكل شخص الحق في أن “يعلن عن طارئ معين في حدود ما ينص عليه القانون ويمكن لوسيط الجمهورية أن يجمع كل المعلومات التي يراها ضرورية في أي قضية تعرض عليه مهما كانت طبيعتها إلا ما تعلق بقضايا أمن الدولة والدفاع الوطني والسياسة الخارجية”، يضيف كريم يونس.
وساهمت في حل مشاكل كبرى ظلت تتراكم منذ سنوات، بسبب بيروقراطية أثقلت كاهل الإدارة، وهو ما سعى ويسعى الرئيس على تغييره نهائيا.
مستقبل شعاره “عدالة اجتماعية “.
بودار مستقبل..”أفضل”
أعلن الرئيس تبون في لقاء مع الصحافة أن عام 2022 سيكون لـ”إصلاح كل ما له علاقة بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية”، مركزا في ذلك أيضا على سياسة الدعم والاستثمار بهدف “الوصول إلى دولة عصرية بدون سلبيات”.
وشدد على أن نظام الدعم الاجتماعي “مبدأ لا حياد عنه وإلى أن يرث الله الأرض وما عليها”.
وكشف عن وجود 900 بلدية فقيرة تعيش من دعم الدولة، متعهدا بتحسين القدرة الشرائية للمواطن برفع الأجور ومحاربة المضاربين وزيادة الإنتاج لتفادي التضخم.
عامان مرا، وبقي في عهدة الرئيس تبون 3 أعوام، تُنبؤ بمواصلة مشوار قطع فيه على نفسه تعهدات، التزم بها أمام المواطن الذي وضع ثقته فيه، والانجازات على أرض الواقع لا ينكرها إلا جاحد.