تعرف عملية تنصيب المجالس الولائية والبلدية وانتخاب رؤسائها، تأخرا بسبب تداخل عدّة عوامل، بعد قرابة ثلاثة أسابيع من الإعلان عن النتائج المؤقتة للمحليات.
وكان من المفترض التعرف على هوية رؤساء المجالس المنتخبة، 13 يوما بعد ظهور نتائج الانتخابات المحلية المسبقة.
وطبقا لأحكام للمادة 64 من التعديلات التي أجريت على قانون البلدية يستدعي الوالي ” المنتخبين قصد تنصيب المجلس الشعبي البلدي خلال الثمانية (8) أيام التي تلي إعلان النتائج النهائية للانتخابات”.
فيما تنص المادة 64 مكرر على أن المجلس الشعبي البلدي “يجتمع تحت رئاسة المنتخب الأكبر سنّا قصد انتخاب رئيسه خلال الخمسة (5) أيام التي تلي تنصيب المجلس”.
وأعاقت عملية تنصيب المجالس، عديد المعطيات، منها انتظار الفصل في الطّعون المودعة لدى مجلس الدولة، إلى جانب فشل التحالفات والانقسامات الحاصلة بين المنتخبين.
ولحد كتابة هذه الأسطر، لا يزال الصراع قائما حول الظفر بمنصبي رئيس المجلس الشعبي البلدي والولائي، في عديد المناطق، خاصة وأن انتخابهما يُحتكم فيه لتحالفات قد ترهن نتيجة المحليات، بعد تحالف الفائزين ضد أو مع أحد المنتخبين الذي لم يحصل على الأغلبية المطلقة ــ 50 زائد واحد ــ، التي حدّدها قانون البلدية والولاية.
في هذا الإطار، أشارت حركة مجتمع السلم على لسان عبد العالي حساني شريف، أن عملية تنصيب المجالس المنتخبة الشعبية الولائية المُنبثقة عن محليات 27 نوفمبر الفارط، متواصلة إلى اليوم، كاشفا أن عملية تنصيب المجالس المنتخبة وانتخاب رؤسائها، عرقلتها عديد الأمور، أولها وجود تصرفات محلية معزولة صادرة عن بعض رؤساء الدوائر، بحسبه، الذين تدخلوا في العملية بطريقة غير مباشرة، من أجل العمل على توجيه بوصلة نتائج التحالفات، في الاتجاه الذي يريدونه باستعمال نفوذهم.
وأكد نفس المتحدث، في اتصال مع “الشعب”، أن العملية تعطلت أيضا بسبب الطعون على مستوى مجلس الدولة، حيث يختلف الأمر بالنسبة لطعون القوائم الفردية التي يعترض فيها بعض المنتخبين على عدم الفوز بمقعد، بالرغم من تحصلهم على أكبر عدد من الأصوات، على أن يتم الفصل فيها خلال الساعات المقبلة، لأن مجلس الدولة فصل في جل الطعون، لتتم عملية التنصيب خلال الأسبوع الجاري.
ولمح حساني، إلى التوجه نحو الانسداد في المجالس، مع تركيبتها الحالية والنمط الانتخابي وتعديل قانون البلدية ضف إلى ذلك بروز عامل المال السياسي الذي عاد بقوة، وبات يهيمن على المشهد، من خلال شراء المقاعد، وهي صورة أخرى من صور المال الفاسد الذي حاول القانون الانتخابي الجديد المعدل خلال السنة الجارية محاربته بكل أشكاله، لكن تعديل قانون البلدية المنتظر يجب أن يأخذ في الحسبان كل هذه الأمور.
إلى جانب ذلك ــ يقول نفس المتحدث ــ وجود أطراف في الإدارة، وهي حالات معزولة، تغذّي هذه الإنسددات وتعمل على استمرارها، معطيا مثالا عن ممهّدات الانسداد، ما تعلق بمسألة فوز قائمة وحيدة بنسبة 35٪ على مستوى أي مجلس بلدي وعدم تصويت الشركاء لمرشحها، حيث أن القانون ـ يضيف ـ لم يُوضح هذه النقطة الغامضة، فيما يترقب الجميع النتيجة النهائية وتجاوز حالة الانسداد التي هي غير بعيدة في حال عدم تسوية الأمور في الآجال المحددة.
من جهته، شدد صافي العربي، المكلف بالإعلام بحزب التجمع الوطني الديمقراطي، على أن العديد من المجالس الولائية والبلدية لم يتم الفصل فيها ولم تُنصب بعد، في انتظار استكمال العملية، خاصة ما تعلق برد مجلس الدولة حول عملية الطعون.
وكشف العربي صافي، في اتصال مع “الشعب”، أن أكبر سبب أعاق التنصيب، الطعون المودعة لدى مجلس الدولة، وقال إنها”ليس لها آجال باعتبار أنها محكمة تعمل على مدار الساعة، وتعتبر الطعون إدارية ككل الطعون، وقد يكون مشكل في الشكل، يستلزم رفع الطعن من جديد من أجل النظر في الموضوع”.
وطرح المكلف بالإعلام بالأرندي، مسألة وجود ثغرات ونقائص في قانون البلدية المُزمع تعديله مستقبلا.
وامتعض عديد المنتخبين، تحدثت إليهم “الشعب”، من حرمان القائمة الفائزة أو الفائز في المحليات بنسبة غير مطلقة، من الحفاظ على مكانته التي يمنحها إياه الناخب، حيث يستطيع الشركاء الإطاحة به من خلال التحالفات ضده، وهو ما أثار حفيظة عدد من المنتخبين، ما جعل القيادي في الأرندي، يشدد على أن التأخرات والإنسدادات خلقها النظام الانتخابي، الذي ترك كل الاحتمالات واردة ومفتوحة.
وإن استمرت عملية عدم توافق أعضاء المجلس البلدي حول هوية “المير” الجديد، ستذهب العديد من المجالس إلى انسدادات تعيق عملية التنمية مستقبلا، وتطرح إشكالية تسييرها.