استبشرنا خيرا بقرار المجلس الوزاري المتعلّق بإبعاد الجامعة عن كلّ الأيديولوجيات، والحفاظ عليها، كما هو مقتضاها، فضاء للعلم والابتكار، ومناطا للتطوّر والتّقدّم، كي يتسنى لها القيام بدورها كاملا، ويكون لها إسهامها الجدّي في المسار العام للأمّة.
والحق أن التّوجهات الأيديولوجية لا ينبغي أن تطغى على المنهج العلمي، وإذا كان هذا يسيرا على مستوى العلوم الدّقيقة، فإنّه يبدو صعبا نوعا ما على مستوى العلوم الإنسانية والاجتماعية؛ ذلك أن الذّاتية يمكن أن تتسلل إلى المنهج، وتتآلف معه حتى تبدو لصيقة به، فالعملية في الأخير مناطها التأويل، وهذا قد تكون له تخريجاته غير المتوقّعة، وحساباته غير الدّقيقة، وعلى هذا، نفهم من «إبعاد الأيديولوجية عن الجامعة»، التّخلص نهائيا من الصراعات الصغيرة التي لا تخدم البحث العلمي، ولا تقدّم المعرفة..
الرهان، إذن، ينبغي أن يكون على الإنسان، والقرار يقتضي تضافر كل الجهود من أجل تخليص الجامعة من كلّ الحسابات الضيقة، فنحن هنا نتعامل مع نخبة الأمة، في مختلف التّخصصات، وهذه ينبغي أن لا تحتاج إلى توضيح..
الجامعة، هي الأخرى، تحتاج إلى ثقتنا جميعا، فهي تعمل وتجتهد وتبدع، ولكن جهودها تذهب سدى بين موقف إطلاقي منها، أو تهاون في الاطلاع على منتجها، فالأعمال العلمية تتكدّس بالبوّابة الجزائرية للمجلات، ولكن لا يطالعها غير الباحثين أنفسهم، وكأنها احتكار لهم، ولدينا عدّة أمثلة عن إشكاليات طرحت، وحلول قدّمت، ولكن دون أن يكون هناك أيّ ردّ فعل تجاهها، حتى كأن بوّابة المجلاّت المحكّمة لا تهمّ المسؤولين، أو أنّها مجرّد ديكور نزيّن به الواب الجزائري..
ينبغي، إذن، تجاوز كل الأحكام الإطلاقية والأيديولوجيات الصغيرة، والحرص على أن يكون للعلم كلمته في تسيير الشأن العام، كي يكون لها حضورها، وننال ثمراتها..
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق