التّواصل الاجتماعي.. هذا اسمه الذي أطلق عليه في العصر الرّقمي، مع أن التواصل اجتماعيا كان موجودا منذ الأزل، وتفنّـن الناس فيه وأبدعوا، شعرا ونثرا، غير أنّ ميزة الجديد أنّه متجاوز للمكان والزّمان معا، لا يتعرض إلى إكراهاتهما، وإنّما يفيد من كل شيء، حتى وإن كان دون فائدة..
وحينما صدرت الكتب أوّل مرّة، لم يكن هناك قانون لحقوق التأليف، ولكن، مع الوقت، اكتشف المؤلفون أن غيرهم يثرون من أعمالهم، فجاء قانون حماية حقوق المؤلف، وكذلك كانت الحال مع الصحف السّيارة، التي لم يكن هناك قانون يسيّرها، وظلت الحال كذلك إلى أن وقف الناس على فوائد الإعلام وأضراره، فجاءت القوانين التي تنظم سير الإعلام في عمومه..
ولا تختلف الحال مع بقية المهن، ولا مع كلّ من يمسّ بحياة الآخرين بطريقة أو بأخرى. غير أن منصّات التّواصل الاجتماعي، يصعب التقنين لها، مع أنّ لها قوانينها الخاصة التي تمنع خطاب الكراهية، وتصدّ خطابات التمييز، بل وتحذف الصّور المريعة، أو تترك الخيار للمتلقي في رؤيتها أو تجنّبها (وهو ما يزيد الرغبة في الرؤية طبعا)، وقوانين أخرى طويلة عريضة، لكنها في الغالب تبدو غير مجدية، لأن هذه المنصّات أشبه بالمقاهي الكبيرة التي يقال بها كل شيء، حضر الوازع أم غاب، دون أي حساب للآخر، ولا لمستوى الضرر الذي يمكن أن يصيبه..
ومع الفوائد الكثيرة التي تحققت مع منصّات التّواصل، هناك مضارّ عديدة، لعلّ أكثرها تعاسة هو التّنمّر الذي اتّخذ أبعادا عالمية، وصار يوقع البغضاء والشّحناء بين شعوب كاملة، بسبب متنّمر صغير هنا، ومعقّد معقود هناك، بل إن الأمر بلغ التّطاول على ثوابت الأمم، والسّخرية منها، كأنّ منصّات التواصل تبيح في الافتراضي، غير المباح في الواقع..
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق