«اخديم الرّجال سيدهم»..هذا مثل جزائري يرفع قيمة «العمل» إلى المستوى الأعلى، ويدلّ بوضوح على السّمو الذي تتلبّس به هذه القيمة في المخيال الاجتماعي، فـ»الجزائري» تعلّم على الدّوام أنّ «اليد العليا خير من اليد السّفلى»؛ وعلى هذا، «يخدم بدورو، ويحاسب البطّال»..
هكذا كنّا دائما، وما نزال، فالجزائري «ما ايْحُول ما ايْزُول»، غير أنّ الكبوات التي نتعرّض إليها لها تأثيراتها العميقة التي تتسلّل إلى حياتنا (رغما عنّا)، وتنذر بخطر يتهدّد القيم العليا للمجتمع، بل يضرب البنى العميقة لطبيعة الفكر، ويحدث تغييرات مشؤومة على المنظومة العامة للتفكير، ويصطنع ما يثبّط الهمم، ويكسر الأرواح، ويعبث بكلّ خيط أمل ينبلج في سماء الوطن..
لماذا نعمل حين نرى «البزانسي» و»المحتكر» وصاحب «المعريفة» الخشنة يتولى الصّدارة؟!..لماذا نعمل حين نعلم أنّ «الكفاءة» لا تجلب غير المصائب؟! لماذا نعمل حين نكون على يقين بأنّ ثمرات جهدنا تذهب هباء؟! لماذا نعمل ونحن نرى أنّ القيمة العليا صارت «ادْهن السّير، يسير»؟! ألم تكن صورة «روكي البزانسي» أفضل من صورة «الأستاذ الجامعي» صاحب الإسم الغالي والجيب الخالي؟! كيف أصبح الحديث عن الدّكاترة البطالين مجرّد صرخة في واد؟!..
الدكاترة ليسوا بطالين يا سادة..الدّكاترة يعملون في المقاهي والأسواق، ويحصلون على «الدورو الحلال» بعرق الجبين، لأنّهم يعرفون جيّدا قيمة العمل، بينما يتورّك البزانسية والحابسون وما أكل السبع على الثّروات والمناصب الرّفيعة، ويحظون بالشّرف والجاه.. أي نعم..هذا هو الواقع المعيش..المتحصّل على درجة الدكتوراه يشتغل بالنّظافة، بينما يتسيّد الذي لم يبذل جهدا طوال حياته..
لا عيب في العمل، فصاحب الدكتوراه الذي يشتغل بالنّظافة، إنما يحافظ للمجتمع على سموّ قيمة العمل، بينما لا يضيف صاحب (المعريفة) إلى العالم سوى الهراء..
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق