يرى الدكتور المختص في الأمراض المعدية بمستشفى بوفاريك بالبليدة عبد الحفيظ قايدي، أن وتيرة حركة فيروس كورونا متذبذبة، وتتفاوت أرقام الإصابات والوفيات خاصة في الأسبوع الأخير، لكن المؤكد أن الحالة الصحية مقلقة بالنظر إلى الإقبال الكثيف على المستشفيات وتصاعد الإصابات بالمتحور «دلتا»، خاصة في أوساط الأطفال.
ما هو تقييمكم للوضع الوبائي في الجزائر؟
الحالات تزداد يوما بعد يوم ومنحنى الإصابات يسجل تفاوت في الأرقام خاصة في الأسبوع الأخير، وهذا أمر مقلق للأطقم الطبية، مقابل إقبال كبير على مصلحة كوفيد من المرضى المصابين بالمتحور الشرس دلتا، هذا بالإضافة إلى تسجيل عدد كبير من الإصابات في أوساط الأطفال بخلاف الموجة الثالثة.
تقصدون أن فئة الأطفال استهدفت في الموجة الرابعة من الفيروس؟
طبعا، الملاحظ في الموجة الرابعة، أن عدد كبير من الأطفال أصيبوا بالفيروس خلافا للموجة الثالثة، والآن نحن متخوفون من تزايد الأعداد المتسبب فيها «دلتا « الذي يمتاز بخاصية الحالات الخطيرة وارتفاع عدد حالات الإنعاش، وبما أن الأطفال ناقل فاعل للعدوى فإن احتمال ارتفاع عدد الإصابات أصبح مؤكدا.
مع الإعلان عن حالتي أوميكرون في بلادنا، هل يجب العودة إلى التحقيق الوبائي لمنع زحف المتحور الجديد؟
أكيد بظهور أي متحور جديد في بلادنا وتسجيل إصابة واحدة تعود الجهات المختصة إلى التحقيق الوبائي، والأمر يتطلب تكثيف العمل ميدانيا بشأن هذا الوباء واحتواء بؤر انتشار المتحور الجديد، إن وجدت، وفي أسرع وقت ممكن لمنع انتشاره أكثر، وهذا طبعا في إطار الإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية لمواجهة مخاطر تفشي فيروس كورونا.
وهل هذا يعني أننا سنعيش موجة متحور أوميكرون؟
طبعا لا، المتحور الموجود عالميا والسائد في الجزائر هو «دلتا»، فالمرجح أن تكون سلالة «أوميكرون» المتحورة عن فيروس «كورونا» أقل حدة من سلالة «دلتا»، وهذا بالرغم من سرعة انتشاره، حيث يظل المشكلة الحقيقية لدينا خلال هذا الشتاء، خاصة وأننا نسجل ارتفاعا في عدد حالات الإصابة الناجمة عنه، ما يعني أن التركيز يجب أن يكون على المشكلة الحقيقية وهي «دلتا».
وهل يمكن للمتحور أوميكرون أن يحدث أزمة صحية؟
نعم، مع ظهور حالتين لـ «أوميكرون «المعروف بسرعة انتشاره بالمقارنة مع الآخر، فإننا سنشهد أعداد كبيرة من المصابين، وهنا نجد أنفسنا بين متحورين الأول خطير والثاني سريع الانتشار، لكننا متفائلين بخصوص أوميكرون لأنه ليس خطيرا، بل «مثير للقلق» فقط، لأنه مكوّن من 50 طفرة وراثية، منها 32 خاصة بما يسمونه «سبيك بروتين» التي تساعده على الدخول إلى الخلية والتكاثر، بحسب آخر الدراسات، في حين اعتبره خبراء آخرون أنه بديل لفيروس كورونا الأصلي فهو يحمل تقريبا نفس الأعراض التي تشبه نزلة البرد.
بخصوص الإجراءات التي اتخذتها السلطات المتعلقة بالجواز الصحي، ما تعليقكم على هذا؟
مع عزوف المواطنين على التلقيح، لابد من اعتماد الجواز الصحي لحماية الأشخاص والجماعات خاصة وأن تغطية التطعيم لم تتجاوز 28 بالمائة، والنسبة غير كافية جعلتنا نعيش كأطباء في حالة خوف من عودة الحالات الخطيرة، على اعتبار أن اللقاح الحل الوحيد للتقليل من حالات الاستشفاء والخطورة، لكن مع تراجع التطعيم في بلادنا،كل الاحتمالات واردة.
هذا يعني أنكم تثمنون القرار؟
أكيد، الأطباء طالبوا بالجواز الصحي منذ فترة واليوم استجابت الحكومة للمطلب بعد أن شاهدت خلال الأيام الأخيرة، تصاعدحالات الإصابة، التي ستنعكس سلبا على قدرة استيعاب المستشفيات، خاصة أمام حالة التراخي التي يعيشها المواطنون وتراجع نسبة التلقيح الذي عمق المشكل وجعلنا متخوفين على الوضع الصحي للبلاد، وما أكد عليه بشأن التلقيح، أن الأمر يتعلق بالصحة العمومية ولا يجوز للمواطن أن يأخذ القرار بانفراد، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأمراض المعدية، لابد عليه أن يتبع الإرشادات العامة التي تؤكد أهمية التلقيح في توفير الحماية الجماعية.
وهل حان الوقت لتعزيز المناعة الجماعية للأشخاص الذين خضعوا للتلقيح؟
مع ظهور أوميكرون واحتمال انتشاره أكثر نتوقع ارتفاع المناعة الجماعية بالنظر إلى سرعة نقل العدوى، هذا بالإضافة إلى ضرورة أخذ الجرعة الثالثة من اللقاح للأشخاص الذين مرت عليهم ستة أشهر.
من أجل تعزيز مناعتهم ضد كوفيد 19، وهذه الخطوة هامة في حماية الفئات المعرضة لخطر الإصابة بالفيروس ومضاعفاته الصحية التي قد تهدد حياة الفرد، ما يستدعي تعميم الجرعات الثلاث من اللقاح ضد الفيروس عند الاشخاص المعنيين.
قلتم سابقا إن إصابات الأطفال بالفيروس ارتفعت مؤخرا، كيف لاحظتم الأعراض عند هذه الفئة؟
الأعراض خفيفة ليست خطيرة مثل عند الكبار وتشمل التهاب اللوزتين الحمى الإرهاق، الإسهال، والتهاب تنفسي، وهي أعراض خفيفة فقط، ويكون المرض الشديد نادرا بين الأطفال.
باق على الدخول المدرسي أقل من أسبوع، ومع انتشار الإصابات بين الأطفال، ما هي توجيهاتكم لاستمرار الدراسة ؟
لابد من ترسيخ الثقافة الوقائية عند الأطفال من أجل حماية أنفسهم من الوباء، وتفادي وقف الدراسة خاصة وأن منظمة الصحة العالمية رفضت تعليق الدراسة في ظل فترة تدهور الوضع الصحي في بلد ما، واليوم مع العدوى التي أصيب بها الأطفال أصبح الأولياء أمام مسؤولية كبيرة تتعلق بالتوعية من الجهة والمسؤولية من جهة ثانية تتمثل في الوعي وعدم إرسال أبنائهم إلى الدراسة في حال الشك بالإصابة، وهذا حماية لهم ولجميع طاقم الأسرة التربوية.
رسالتكم إلى المواطنين؟
نحن في مرحلة حاسمة من الوباء والتدابير الوقائية لها دور كبير في كبح العدوى هذا إلى جانب مساهمتهم في دعم إجراءات السلطات لمجابهة كوفيد خاصة ما يتعلق بالإقبال على التلقيح الذي يعد الحل الوحيد لضمان الحماية العامة وعدم تكرار سيناريو الموجة الثالثة الذي أبكى كل البيوت الجزائرية.