قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية إدريس عطية، إن زيارة الرئيس الموريتاني للجزائر، تصنف ضمن “دبلوماسية الطوق الأمني” مع الجيران
يختتم الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني اليوم، زيارته إلى الجزائر، والتي دامت 03 أيام، وجاءت بدعوة من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
وأوضح عطية في اتصال هاتفي مع ‘’الشعب’’، أن زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، تحمل دلالات متعددة، كونها تتزامن والتوتر الكبير الذي تعرفه دول الجوار الإقليمي والمنطقة المغاربية.
وتعرف تونس أزمة سياسية يتطلع من خلالها الرئيس قيس سعيد إلى الخروج بآليات حكم أكثر استقرارا، فيما تم تأجيل المسار الانتخابي في ليبيا، ناهيك عن استمرار الأعمال الإرهابية بالساحل الإفريقي.
وبالجهة الغربية، وعقب خرق الاحتلال المغربي لاتفاق وقف إطلاق النار مع الجمهورية العربية الصحراوية، منذ العام الماضي، تحولت المنطقة إلى طوق ناري، يؤثر بشكل مباشر على الجزائر وموريتانيا.
وفي السياق، قال عطية إن نزاع الصحراء الغربية التي لاتزال تعيش تحت وطأة الاستعمار المغربي خرج من الدائرة المغاربية بشكل واضح من خلال اختيار الاحتلال، مقاربة انفرادية مرتبطة بالكيان الصهيوني، أكدت أن مشروع الدولة الوطنية في المغرب تحول إلى مشروع دولة وظيفية “وتم التأكيد نهائيا على أن المغرب أصبح خادما للاستراتيجيات الكبرى ولذلك فإن التعاون مع دولة موريتانيا يدخل في هذا المسعى”
ولزيارة الرئيس الموريتاني دلالات أخرى، فموريتانيا -بحسب المتحدث- بحاجة إلى إنعاش اقتصادي وتنموي وتجاوز التحديات الأمنية، ما يجعل الحاجة ملحة لتقوية التعاون بين البلدين.
وللجزائر وموريتانيا سوابق تاريخية في التعاون الاقتصادي واللوجيستي وحتى الأمني، يمكن البناء عليها لوضع مقاربة محكّمة للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، يؤكد إدريس عطية.
وأضاف، أن هناك جوانب أخرى وجب ذكرها، فموريتانيا من جهة هي بحاجة لمساندة ودعم الجزائر، وأيضا إلى مصاحبة اقتصادية وشراكة دائمة مع الجزائر في مجال تفعيل التجارة الدولية عبر محور ورقلة- نواكشوط، إضافة إلى مجالات أخرى، كالانتقال الطاقوي والبنى التحتية، فالجزائر تتطلع -على حد قول المتحدث– الى جعل موريتانيا شريكا قويا للتوجه نحو العمق الإفريقي، خاصة لدول غرب إفريقيا وبالتالي يمكن اعتبار موريتانيا بوابة حقيقة لهذه الدول.
من جهة أخرى تريد الجزائر ضمان توجهات هذه الدول، خاصة دول الجوار، على أساس أن هناك أطرافا دولية تتربص بالدول التي تعاني من صعوبات اقتصادية وسياسية وأمنية، كحال تونس وموريتانيا من أجل ليّ ذراعها.
إضافة إلى هذا، تستعد الجزائر لاحتضان القمة العربية، شهر مارس المقبل، وبالتالي فإن هذه الزيارات، سواء كانت رئاسية أو دبلوماسية، تدخل في إطار التحضير لهذه القمة لتحديد التوجهات الهامة التي يمكن أن تطرحها الجزائر في إطار محور جديد لجامعة الدول العربية والسعي للنهوض بالعمل المشترك ولملمة الشتات العربي، وعليه فإن هذه الزيارة تدخل في صميم هذا التوجه. ويمكن التحدث عن دلالات أخرى مشتركة مرتبطة أساسا بالتحديات الأمنية، كمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة وإشكالية التواجد العسكري الأجنبي في منطقة الساحل والصحراء، لذلك تسعى الجزائر إلى ترقية علاقاتها الاستراتيجية والأمنية مع موريتانيا.
تقارب اقتصادي كبير
من جهته كشف الدكتور مرسلي محمد، أن زيارة الرئيس الموريتاني للجزائر، تأتي كذلك لإنعاش اقتصاد البلدين وتعزيز فرص الاستثمار، خاصة في المناطق الحدودية وكذا تنويع التبادلات التجارية والاقتصادية.
وأفاد مرسلي لـ “الشعب”، أن القمة الجزائرية – الموريتانية ستهيمن عليها عدة ملفات، أبرزها الوضع في منطقة شمال افريقيا ومنطقة الساحل والأوضاع في ليبيا، خاصة بعد قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى مناقشة الظرف الذي ستنعقد فيه القمة العربية، شهر مارس، بالجزائر.
علاوة على هذا، فإن التحديات الأمنية المشتركة ستكون محط نقاش واسع بين الطرفين، لاسيما الأوضاع في منطقة الساحل ومالي تحديدا، على اعتبار أن لها حدودا مشتركة مع الطرفين، وعليه من المتوقع التشديد على رفع مستوى التنسيق الأمني لتأمين الحدود ومواجهة أي عمليات إرهابية بالمنطقة.
والزيارة، بحسب مرسلي، فرصة لإنشاء “تكتل إقليمي جديد” ذي أبعاد أمنية واقتصادية، يكون له دور كبير في محاربة الجريمة المنظمة والهجرة السرية.