سجل الجزائر عام 2021 قفزة نوعية في التجارة الخارجية، بتنشيط المبادلات التجارية وبلوغ أرقام لم تسجل منذ عقود.
البداية، كانت بتغيير اسم وزارة التجارة إلى وزارة التجارة وترقية الصادرات، ما يوحي بمقاربة اقتصادية جديدة تجسد غايات السياسة التجارية المسطرة من قبل السلطات العليا في البلاد.
رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في عديد المناسبات، أكد فيها أن الجزائر ستتجاوز سقف 5 مليار دولار صادرات خارج المحروقات مع نهاية 2021، لم تكن من العبث، بل تصريحات تستند إلى معطيات ميدانية حول إمكانيات البلاد في قطاعات شتى أرفقت بـ”حزمة” من القرارات والتدابير.
دبلوماسية إقتصادية..
في هذه السنة جرى التركيز على تنشيط الدبلوماسية الإقتصادية، وهو ما تجلى في ندوة السفراء التي ترأسها الرئيس تبون قبل شهرين، ما يندرج ضمن أهداف إستراتيجية لتسهيل ولوج منتجات جزائرية أسواق دولية ورفع قيمة الصادرات الجزائرية.
كل ما اتخذ من تدابير وقرارات من قبل الحكومة، في نهاية 2020 وبداية 2021، يعكس أداء اقتصاد البلاد والأرقام المحققة إلى غاية الثلاثي الأخير من سنة 2021.
تشير آخر أرقام مصالح الجمارك الجزائرية، إلى ارتفاع قيمة صادرات البلاد خارج المحروقات، إلى 4,5 مليار دولار في نهاية شهر نوفمبر، وهو رقم لم يسجل منذ الاستقلال.
وإستنادا الى أرقام مصالح وزارة التجارة وترقية الصادرات، تمثل نسبة الصادرات الجزائرية خارج المحروقات، 12,3 بالمائة من مجموع عمليات الصادرات إلى غاية الثلاثي الثالث من السنة الحالية، بعدما لم تتجاوز 3 بالمائة منذ عقود.
تحرير الإقتصاد
الأرقام المذكورة، تنبئ ببوادر جد ايجابية لتحرير اقتصاد الجزائر تدريجيا من التبعية للمحروقات، وبناء نموذج اقتصادي حقيقي ومتكامل لا يتأثر ببورصة أسعار الذهب الأسود ويتجنب الهزات الاقتصادية العالمية.
بالمقابل، ساهم الارتفاع الكبير لصادرات السلع، حسب أرقام قدمها محافظ بنك الجزائر، رستم فاضلي، مؤخرا، من 16,240 مليار دولار في نهاية سبتمبر2020 الى 26,402 مليار دولار في نهاية سبتمبر 2021 أي بـ+62,3 بالمئة، إلى تراجع هام في الميزان التجاري.
وعرفت صادرات السلع خارج المحروقات، زيادة 4.6 % بين سبتمبر 2020 وسبتمبر 2021، منتقلة بالتالي من 26.744 مليار دولار الى 27.973 مليار دولار.
في المجموع، بلغت صادرات السلع والخدمات 28.702 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2021، مقابل 18.513 مليار دولار خلال نفس الفترة من سنة 2020، أي بارتفاع كبير بـ10.189 مليار دولار (+55.04 %).
ونجم عن هذه التطورات الايجابية تراجع كبير في عجز الرصيد الإجمالي لميزان المدفوعات، بحوالي 10 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من سنة 2021، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2020، حسب فاضلي.
قرارات وتدابير خاصة
إقرار جملة من التدابير لفائدة المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين، منها إنشاء أروقة خضراء مخصصة للصادرات، مزايا ضريبية وتسهيلات إدارية لفائدة المتعاملين، إلى جانب الترويج للمنتجات الجزائرية في الخارج بتنشيط الدور الاقتصادي للممثليات الدبلوماسية الجزائرية، جوانب مكنت من بلوغ سقف أهداف سياسية التجارة الخارجية.
هي سياسة تجارية تعززت -أيضا- بقرارات عديدة على مستوى المؤسسات المالية، نذكر منها التدابير التنظيمية الجديدة لبنك الجزائر، على رأسها الترخيص للمتعاملين الاقتصاديين بالحصول على مداخيل مبادلاتهم بالعملة الصعبة.
إلى جانب الإعفاء الذي أقره نظام البنك المركزي الذي يخص التوطين البنكي، صادرات الخدمات الرقمية وتلك المتعلقة بخدمات الشركات الناشئة والمهنيين غير التجاريين.
تحقيق قفزة نوعية في صادرات البلاد، رافقه أيضا تمكين المتعاملين الاقتصاديين من فرص المشاركة في عديد المعارض الإقليمية والقارية مخصصة للتصدير، نظمت بالجزائر سنة 2021، منها معرض الاستيراد والتصدير الإفريقي “أمبيكس 2021″، إضافة إلى معرض المنتجات الجزائرية المخصصة للسوق الليبي، والمعرض الدولي للتصدير والخدمات اللوجستية.
وعلى الصعيد الدولي، شارك متعاملون جزائريون في تظاهرات إقتصادية قارية، منها الطبعة الـ29 لمعرض دكار الدولي (السنغال)، والطبعة الثانية للمعرض التجاري الأفريقي البيني الذي نظم في مدينة دوربان (جنوب إفريقيا)، حيث فاز الجناح الجزائري بجائزة أفضل جناح رسمي، وهي جائزة جاءت لمكافأة “جودة المنتجات والخدمات المقدمة”.
وبغية تحقيق نجاعة اقتصادية للمقاربة الاقتصادية الجديدة، راهنت الحكومة على عقد اتفاقيات إقليمية دولية، مع دول الاتحاد الأوروبي، بلدان افريقية وعربية، معنية باتفاقيتي المنطقة العربية الكبرى للتبادل الحر، ومنطقة التبادل الحر القارية.