مع بلوغ منحنى الإصابات اليومية عتبة 500 إصابة، أصبح خيار العودة إلى الحجر الصحي مطروحا بقوة.
ويتّفق المختصّون على ضرورة التطبيق الصارم للبروتوكول الصحي في المؤسسات التعليمية لكسر سلسلة العدوى، في انتظار ما ستفرزه تطورات الوضع الوبائي من قرارات، حيث أكّدوا ضرورة العودة الى الحجر الصحي للحد من شراسة وقوة رابع موجات كوفيد-19، خاصة وأن الجزائر لا تملك إحصائيات دقيقة عن العدد الحقيقي لحالات الإصابة بفيروس كورونا.
عيساني: الحجر الصحي خيار استتباقي
وأكّد عضو المجلس الوطني لأخلاقيات الطب، ورئيس اللجنة الجهوية لأخلاقيات الطب على مستوى ولاية عنابة الدكتور محمد عيساني في اتصال مع “الشعب”، أنّ التطورات التي يعرفها الوضع الوبائي في الجزائر يفرض خيار العودة الى الحجر الصحي.
واعتبر تزايد حالات الإصابة اليومية، لا يعود فقط للموجة الرابعة للمتحور “دلتا” بل نتيجة دخول الطفرة “اوميكرون”.
ولاحظ في الوقت نفسه أنّ الدراسة التسلسلية لا تتم بطريقة آنية، ولا تجرى في جميع المختبرات عبر مختلف مناطق الوطن لاقتصارها على معهد باستور بالعاصمة فقط، ما يجعلها تلبي أقل من 1 بالمائة من التحاليل بسبب قدرتها المحدودة على إجرائها.
ويرى عيساني أنّ المتحوّر “اوميكرون” دخل سباق المتحورات في الجزائر بدليل أن المنحنى التصاعدي لعدد الإصابات الجديدة لا ينطبق مع منحنى المتحور “دلتا” وكأنه طفرة أخرى، لذلك يمكن القول أن المعطيات الإحصائية الرسمية لـ “أوميكرون” لا تمثل العدد الحقيقي لعدد الإصابات بهذا المتحور، حيث يمكن مضاعفته إلى ألف مرة حتى نجد العدد الحقيقي لتزايد عدد الإصابات به.
في السياق نفسه، اعتبر الدكتور أن خيار الحجر الصحي إجراء استباقي لتفادي الضغط الكبير على المنظومة الصحية أو حتى انهيارها لأنه بمثابة الحل الوحيد.
وكشف عيساني أن الجانب المخيف من “اوميكرون” في انه خطير على الشريحة التي تقل أعمارها عن 65 سنة، والتي تعاني من أمراض مزمنة وكذا المسنين، ما يجعل من احتمال خطر تشبع المنظومة الصحية كبيرا جدا.
وتوقع أن تبلغ الحاجة الى الأوكسجين الطبي بـ 10 أضعاف، وإذا أجرينا حسابا دقيقا لاحتياجات الأوكسجين مع وجود المتحور “اوميكرون” نجده سيتفاقم، بالنظر الى العدد المنخفض للأشخاص الملقحين من جهة، وكذا حالات تسبب الإصابة في قصور تنفسي وحالات التهابية قوية تستوجب تنفسا اصطناعيا بنسبة 10 مرات اكبر من “دلتا”.
حميدي: إجبار الأساتذة على التّلقيح
وفي اتصال مع “الشعب”، قال المختص في الصحة العمومية الطبيب رشيد حميدي في تقييمه للوضع الوبائي، أنّ سرعة انتشار المتحور “اوميكرون” مرتبطة بامتلاكه 50 طفرة، من بينها 35 طفرة تفتح المجال للعدوى، لذلك ستكون الجزائر امام تزايد حالات الإصابة بهذا المتحور في الأيام القادمة.
يذكر أن معهد باستور هو الوحيد الذي يجري تحليلات جينية لتشخيص نوع المتحور، بالإضافة إلى أن الحالات المأخوذة هي تلك المتعلقة باختبار “بي سي آر”، أما الأخرى فغير معنية بالإحصاء ما يعني أن العدد الحقيقي أكبر بكثير من العدد الرسمي يتضاعف إلى ثلاث أو أربع مرات.
ولاحظ الطبيب ان المتحور “دلتا” ما زال يحصد الأرواح بل هو في تزايد مستمر في الموجة الرابعة مثلما كان في الثالثة، ما يستدعي حسبه الإقبال على التلقيح لتفادي الأسوأ، خاصة وان نسبة 95 بالمائة من وفيات هذا المتحور غير ملقّحين.
وبشأن “أوميكرون” قال حميدي إن له نفس أعراض الزكام، حيث يتميز بالتهاب في الحلق يصل الرئتين فقط في حالة الأشخاص الذين يعانون أمراضا مزمنة، لهذا يخطئ الناس كثيرا في زيارة الجد والجدة بصحبة أطفالهم المزكومين، لقدرتهم على نقل العدوى، لذلك يجب البقاء في البيت في حالة الإصابة، فالكثير ممن توفوا في الموجة الثالثة كانوا ممن يعانون السكري والقلب.
ونصح الدكتور بالعودة إلى طريقة العزل، فمن يجد نفسه يعاني أعراض الزكام او الرشح يعزل نفسه عشرة أيام أو على الأقل 5 أيام، وخلص إلى القول “حقيقة لم نحص حالات معقدة من “اوميكرون” لكن العالم سجل حالات وفاة بهذا المتحور الجديد”، مرجعا غيابها في الجزائر الى غياب التشخيص بسبب وجود معهد واحد فقط عبر الوطن هو معهد باستور لتشخيص الحالات.
وأشار في نفس الوقت إلى ضرورة توحيد العلاج الطبي لحالات كوفيد، فالملاحظ في الميدان يجد أن كل طبيب يعطي المريض وصفة خاصة به قد تضم اكثر من مضاد حيوي قد يصل عددها الى ثلاث، وتساءل عن جدوى إعطاء المريض مضادين حيويين لان واحد يكفي لمنع التعفنات، فكورونا تصيب من يعانون نقصا في المناعة، واعطائه مضادات حيوية أكثر من واحد ستتسبّب في مقاومة البكتيريات الاخرى، ما يزيد التعفن ويساهم في خفض مناعة المريض.
أما عن تفادي تحول المدارس او المؤسسات التعليمية لبؤر لانتشار العدوى، قال حميدي إن أول خطوة هي اجبار الأساتذة على التلقيح، بالإضافة الى التطبيق الصارم للإجراءات الوقائية، خاصة ارتداء القناع الواقي والتباعد الاجتماعي، مع وجود عدد قليل للتلاميذ في القسم مع تهوية قاعة التدريس، حتى نستطيع كسر سلسلة العدوى داخلها.