يسود تفاؤل كبير في الوقت الراهن حول استمرار تماسك الأسواق النفطية وبقاء الأسعار فوق مستويات 80 دولارا. بل هذا السقف مرشح أن يقفز إلى 90 دولارا للبرميل الصيف المقبل. ويضاف إلى ذلك، تسجيل عديد الإشارات الإيجابية رفعت من معنويات السوق، الذي لم يعد يتأثر كثيرا بما يتعلق بانتشار كورونا وسلالاتها الكابحة للحركية، يرافقها إصرار كبير من طرف «أوبك+» على مواصلة إرساء إستراتجيتها.
كل هذا من شأنه أن يدعم استقرار السوق وينعش الطلب، مع الكشف مؤخرا عن بيانات تعكس تراجع مخزونات النفط الخام الأمريكية، يضاف إليها عدم تجميد حركة النقل والمرور على الطرق متجاهلة المتحور «أوميكرون»، إلى جانب تقلص المخاوف المفرطة من تداعيات المتحور الجديد، ويعزز هذه العوامل المدعمة، ثقة «أوبك+» الثابتة حول قراراتها المدروسة بشكل استشرافي، آخذة في الحسبان ضمن خطتها، احتمالات ظهور سلالات جديدة من الفيروس الشرس سريع الانتشار، لأن قراءة الخبراء للقرار الأخير الذي اتخذته «أوبك وشركاؤها» خلال الأسبوع الأول من شهر جانفي الجاري، يمهد بشكل قوي إلى أن تحافظ الأسعار على متانتها ما بين 72 و81 دولارا للبرميل.
منذ بروز معضلة المتحورات الوبائية، ما أسفر عن ضيق في العرض، اشتد معه قلق المستهلكين بسبب انكماش مخزونهم النفطي، وما قابله من تراجع القدرات الإنتاجية الاحتياطية للبلدان المصدرة، لأن الجائحة وتداعياتها عصفت بالاستثمار وأثرت على التنقيب النفطي، وامتصت نسبة عالية من مخزونات البلدان العام الماضي، ما جعل الأسعار في منأى عن التذبذب. وأشارت التوقعات إلى نمو الطلب العالمي خلال العام الحالي، ليتجاوز مستويات ما قبل الجائحة مع توقعات وصوله إلى 101 مليون برميل يوميا.
غير أن المتشائمين لا يخفون أنه من الصعب التوقع حتى على الأمد القصير، مع ورود عنصر المفاجأة الذي قد يهدد توقعات الطلب، لأن عودة الغلق الإجباري يمكن أن يفكك جزءا ولو بسيطا من المكاسب. وبخلاف ذلك، قد تطفو عوامل جيو سياسية تقلب السوق رأسا على عقب، مثل مواجهة بعض الدول المنتجة لتحديات أمنية متصاعدة وهذا من شأنه أن يلهب الطلب.