كانت الجزائر من بين أوائل الدول التي دعت إلى إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن ليقوم بدور أكثر إنصافا تجاه الدول النامية والقارة الإفريقية تحديدا، لاسيما وأنها لا تحظى بمقعد دائم داخل هذا المجلس.
استحدثت الدول الكبرى المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة “كحل وسط” لتجاوز هذه المعضلة وتنظيم العلاقات وتقريب وجهات النظر، واستبعاد الخيارات العسكرية في حل الأزمات، وتعويضها بالحلول السياسية والسلمية، بالرغم من أن هذه المنظمات تبقى في أحيان كثيرة خاضعة لسلطان الدول التي أنشأتها خدمة لمصالحها.
المدرسة الواقعية ترى أن العلاقات الدولية تحكمها معضلة يصعب تجاوزها مقترنة بفوضوية النظام الدولي، إذ تتصارع الدول فيما بينها في ظل نظام دولي لا يخضع لأي سلطة عليا، يأكل فيها القوي الضعيف دونما خشية من أي عقاب أو حساب.
أمريكا سنة 2003 قامت بغزو العراق خارج إطار الشرعية الدولية، رغم معارضة دول غربية عديدة لهذا التدخل مثل فرنسا وألمانيا. فصناع القرار في بلاد العم سام، لم يأبهوا لأحد ولفّقوا للعراق تهما مفبركة حين ادّعوا امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل؛ ادعاءات كانت مجرد غطاء لتبرير التدخل العسكري سعيا لتحقيق أهداف استراتيجية كبرى في صورة السيطرة على خامس أكبر احتياطي من النفط في العالم والمقدر بـ143 مليار برميل.
والجزائر في ضوء النظام الدولي الحالي، تبقى مستهدفة بشكل مستمر، لاسيما وأن علاقات الصداقة والعداوة بين الدول ليست شيئا ثابتا أو مضمونا، مثلما أشار إلى ذلك ونستون تشرشل “في السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم هناك مصالح دائمة”، نظرا للمواقف الجزائرية الثابتة والداعمة للقضايا العادلة في المنطقتين العربية والإفريقية، وبحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي والثروات التي تمتلكها، إضافة للمحيط الإقليمي المتفجر، نكون بحاجة إلى جبهة داخلية متينة ومترابطة ومتماسكة تكون خط الدفاع الأول أمام أي خطر أو تهديد خارجي.