قبل سنة تحديدا، كان بايدن يتمتع بدعم شعبي كبير، خاصة في أعقاب مشاعر الاستياء والغضب التي عمت أمريكا إثر الاجتياح العنيف لمبنى الكابيتول، وقد اعتقد الرئيس الأمريكي الـ46 حينها بأنّ خبرته الممتدّة لعقود طويلة في دهاليز السياسة، ستسهّل عليه إنجاز المهمات، لكنه واجه وضعا صعبا في الداخل ومعقّدا في الخارج، فلم ينجح في توحيد الجمهوريين والديمقراطيين سوى مرة واحدة فقط لتمرير قانون البنية التحتية، وغير ذلك ظلّت التحديات تراوح مكانها بل وتزداد حدّة وشراسة بسبب فيروس كورونا الذي أثّر على الاقتصاد، وهوى بشعبيته إلى 43 في المائة فقط، وهي أسوأ نسبة لأي رئيس في عامه الأول باستثناء دونالد ترمب الذي سجل نسبة تأييد بلغت 39 في المائة في نهاية عامه الأول.
فماذا كانت حصيلة بايدن الخارجية وهو الرئيس الذي دخل البيت الأبيض متسلحا بتاريخ حافل من الخبرة في مجال السياسة الخارجية تعود إلى مطلع سبعينيات القرن الماضي عندما انتخب عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية دلاوير ثم أصبح رئيسا للجنة الشؤون الخارجية في المجلس لسنوات طويلة، ليتولى بعدها العمل على ملفات مهمة في مجال السياسة الخارجية مثل الصين والعراق وأوكرانيا بتفويض من الرئيس باراك أوباما الذي عيّنه نائبا له بعد توليه الحكم في 2008.
بايدن في عام حكمه الأول واجه نفس التحديات التي واجهها ترامب، وأهمها الصين باقتصادها القوي وطموحاتها الكبيرة، وروسيا بقوتها العسكرية والسياسية، وإيران بملفها النووي.
ولم يستطع الرئيس الأمريكي تحقيق أيّ اختراق في أيّ من الملفات أو التحديات، بل على العكس تماما،حيث احتدمت التوترات مع موسكو بسبب أوكرانيا، واشتدّت القبضة الحديدية مع العملاق الأصفر،
ومازالت مفاوضات النووي الإيراني تدور في حلقة مفرغة، وحتى القضايا العربية لم تحظ بأيّ جديد، إذ عاد بايدن الى أسلوب تقليدي يسعى للتهدئة لا للتقدم.
وتبقى أكبر خيبة منيت بها السياسة الخارجية لبايدن، هو الانسحاب العشوائي القاتل من أفغانستان، حيث وصفه كثيرون بالفشل الاستراتيجي.
هذا خارجيا، أما داخليا، فبالرغم من حديث بايدن عن تقدم تاريخي للاقتصاد في عام حكمه الأول، إلا أن الانتعاش الذي وعد به اصطدم بمجموعة من الأحداث والوقائع، من بينها التضخم الذي ارتفع بنسبة غير مسبوقة منذ 30 عاماً ما أدى إلى ارتفاع الأسعار
والكلفة المعيشية.
كما لاقى قراره باستخدام احتياطي النفط الاستراتيجي انتقادات من الأحزاب السياسية والجهات المعنية،
ولاحقته النكسات عندما علّقت المحكمة العليا مؤخرا قراره بإلزام الشركات الكبيرة بتلقيح موظفيها،
وعندما عجز عن تمرير مشروعه الضخم للإنفاق الاجتماعي والبيئي والمعروف باسم «اعادة البناء بشكل أفضل».
وفي الواقع هذه الوقفة لا تكفي للإحاطة بكلّ انجازات وإخفاقات بايدن، لكن يجب التأكيد بأن الظرف الصحي العالمي كان المحدّد الرئيسي لهذه الحصيلة بإيجابياتها وسلبياتها.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق