لأول مرة منذ أزيد من سبع سنوات، ارتفعت أسعار النفط إلى حوالي 90 دولارا للبرميل «متجاهلة» الوباء في قفزة سريعة ومفاجئة لم تكن منتظرة من المنتجين أو الخبراء، على خلفية أن التقديرات في نهاية السنة الماضية كانت تتوقّع أن الأسعار لن تتعدى حدود 85 دولارا إلا خلال السداسي الثاني من العام الجاري. ولعلّ من أبرز العوامل التي عجّلت بالانتعاش القوي للثروة السوداء، شدة برودة فصل الشتاء الحالي وبقاء أسعار الغاز في مستويات عالية أنهكت المستهلكين، علما أن أعلى سعر سجله البترول كان في 2008 بعد أن سجل سعر البرميل 136 دولار.
وبالرغم من أن أسعار النفط عاودت التراجع الطفيف إلى 85 دولارا، فإن استمرار شحّ المعروض يبقي الأسعار في مأمن عن أي تذبذب قد يؤثر على تماسك وانتعاش الأسواق، مستمدة تماسكها القوي والمستمر، من بقاء مخاوف انتشار المتحور أوميكرون وما صاحبه من إجراءات الغلق لدى العديد من الدول، ويضاف إلى كل ذلك خطط «أوبك+» الناجعة، علما أن منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» انخفض إنتاجها إلى حدود 27.5 مليون برميل.
استفادت الدول المنتجة كثيرا من لجوء الولايات المتحدة إلى استخراج جزء من المخزون الاستراتيجي للنفط، لمواجهة عملية ارتفاع الأسعار، في وقت تعطلت فيه الحركة في بعض المحطات بسبب تساقط كميات معتبرة من الثلوج، وبالمقابل لا يمكن الاستشراف في الأمد القصير بسبب استمرار تفشي الفيروس الذي لم تنجح في مقاومته والحد منه، لا اللقاحات ولا الاجراءات الوقائية، لأن العديد من الدول لم تنجح في فرض إلزامية الجواز الصحي.
تفاؤل كبير يحمله المنتجون اليوم، فنجد المسؤولين في «أوبك» مرتاحون جدا، بل ينتظرون المزيد من المكاسب، لأنهم يعتقدون أن موجة الارتفاع ستبقى مستمرة على مدار الأشهر المقبلة، مدفوعة بانتعاش قوي للطلب، وخاصة ما يقابلها من قدرة محدودة لتكتل «أوبك +» على زيادة في العرض، والأكثر من ذلك، أنهم يترقبون أن تتجاوز الأسعار 100 دولار للبرميل، في وقت لم يكن أحد ينتظر أن تتعافى السوق بهذا الشكل السريع، لذا هل ينجح المنتجون مرة أخرى في إبقاء الأسعار مرتفعة لمدة أطول؟.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق