تولّت فرنسا مع بداية السنة، رئاسة الإتحاد الأوروبي، ومن بين تطلّعات باريس خلال ولايتها التي تدوم ستّة أشهر،»إعادة رسم العلاقات مع إفريقيا» بالشكل الذي يجعل أوروبا وفرنسا تحديدا تحافظان على مواقعهما في القارة السمراء التي تشهد صراعا صامتا وسباقا محموما على النفوذ، حيث باتت العديد من القوى العالمية تزاحم أوروبا فيما كانت تعتبرها حديقتها الخلفية التي لا يحق لأحد التغلغل إليها والاستفادة من خيراتها.
في خطابه أمام نواب البرلمان الأوروبي بستراسبورغ، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشركاء الأوروبيين إلى «تحالف جديد» مع القارة الأفريقية. وأعلن عن تنظيم قمة أوروبية أفريقية في منتصف فيفري المقبل ـ إذا سمحت الظروف الصحية بذلك – لإعادة بناء شراكة بين القارتين وتحديد الأولويات الرئيسية للسنوات المقبلة، وقبل ذلك وبعده، لوضع إستراتيجية تكون قادرة على وقف تمدّد بعض الدول التي استطاعت أن تنتزع لها مواقع هامة في إفريقيا.
وفي الواقع، العلاقات بين أوروبا وإفريقيا لم تكن أبدا عادلة، بل لقد ظلت على الدوام غير متوازنة ولا متكافئة، تلعب فيها أوروبا دور المحرك .
والمستفيد وإفريقيا دور التلميذ والخاسر، وكان الاتحاد الأوروبي يحتكر الشراكة مع إفريقيا في جميع المجالات، التجارة والاستثمارات والتنمية والتعاون والأمن. واستفاد كثيرا من هذا الاحتكار إلى أن تغيّرت الأوضاع في السنوات الأخيرة بدخول أطراف جديدة تتبنى سياسة أكثر إنسانية وعدالة في تعاونها مع بلدان القارة السمراء، الأمر الذي جعل الأفارقة ينتفضون ضدّ الهيمنة الأوروبية والفرنسية تحديدا، بعد أن بلغ الإحباط من الاستغلال والهيمنة والنهب الممنهج مداه.
فرنسا التي تواجه حملة عداء غير مسبوقة في إفريقيا، وتتحسّس انفلات مجموعة دول القارة السمراء من قبضتها، تريد باسم الدفاع عن مصالح أوروبا، إعادة بناء الشراكة مع إفريقيا بالشكل الذي يبقي الحال على ما عليه، بمعنى الحفاظ على الاتحاد الأوروبي كأهم شريك تجاري لإفريقيا، وجعل اقتصاد هذه الأخيرة حبيس دوامة التبعية، لكن هل ستقبل إفريقيا الاستمرار تحت رحمة هذا الواقع؟ لا أعتقد بالمرّة، فإفريقيا اليوم .
وبعد أن جرّبت الشراكة مع دول أخرى غير البلدان الأوروبية، أصبحت تتطلّع إلى علاقات اقتصادية عادلة مع جميع شركائها تقوم على مبدأ « رابح ـ رابح»، لهذا على أوروبا أن تراجع هيمنتها وتغيّر إستراتيجيتها في الشراكة والتعاون قبل أن يجرفها الطوفان.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق