إفريقيا القارة الفتية الغنية بالمورد البشري والثروات الطبيعية يمكنها أن تحرز تحولا عميقا يغيّر من وجهها التقليدي الشاحب ومصير شعوبها المجهول، من خلال استبداله بمسار يسطع بالتغيرات الإيجابية التي تؤّمن حياة الاستقرار والتنمية والرفاهية لشعوبها، والبداية لن تكون إلا بالانتصار على التحديات الأمنية الشائكة التي تجعل مستقبل تطوّر القارة على كفّ عفريت، ومن ثمّة الشروع في ترتيبات سياسية تقوم على إصلاحات شاملة تحرّك اقتصادها وتعيد الأمل في المنظومة الاجتماعية.
ينتظر القارة السمراء مستقبل كبير بأفاق منفتحة على التطوّر والازدهار والتغلب على أزمات وحروب ومجاعات الأمس، لكن بعد إنهاء معركة تطهير أراضيها من التهديدات الإرهابية الشرسة المتربصة بها، لأن استمرارها خاصة في منطقة الساحل، يضعف القارة التي عانت طويلا من الاستعمار والتخلّف والفقر ويرهقها، في وقت لا يمكن إنكار استغلال التنظيمات الإرهابية الدموية ضعف الامكانيات بدول إفريقية، وإلى جانب شساعة الرقعة الجغرافية، وكذا غياب الفعالية الاقتصادية، وبالنظر إلى هذا واقع الأمن الإقليمي الهش والحسّاس، يحتّم الظرف الحالي ضرورة التحرّك العاجل لمحاصرة وتجفيف منابع التنظيمات الإرهابية التي وجدت من الصحراء الافريقية مسرحا للتمدّد لتنفيذ جرائمها الوحشية العابرة للحدود، عبر تبني خيارات متعدّدة أبرزها تفعيل الأمن الإقليمي المشترك بدل الاستعانة بأطراف خارجية، لأنه بإمكان دول المنطقة تحت مظلة الاتحاد الإفريقي الالتقاء وتتقاطع ضمن خطة أمنية تحظى بموافقة الجميع للوقوف في وجه التهديدات الإرهابية الدموية.
لطالما علّق الخبراء على تراجع الاهتمام الأمريكي بأقدم قارة خاصة في عهد الرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترامب»، لكن يبدو أن سياسة واشنطن في فترة حكم بايدن مختلفة، لأن الرئيس الأمريكي الحالي منذ توليه الحكم، وجّه بشكل ضمني العديد من الرسائل للدول الإفريقية، من بينها أن واشنطن قادمة وشريك اقتصادي يمكن التعويل عليه، لتنافس بدورها في عملية التموقع مع دول كبرى، اقتصاديا على وجه الخصوص، على خلفية الأهمية القصوى للقارة السمراء كسوق اقتصادية ضخمة وواسعة للاستثمارات وللتجارة وكذا خزان عملاق للثروات الباطنية والمورد البشري.
قد نختلف حول عدة توجهات لكن نتفق دون شكّ، أن مصير الأفارقة صار في الوقت الراهن بأيديهم، لذا بات التغيير الحقيقي لبناء غد أفضل، يبدأ من إرادة واحدة متطابقة، حيث تنصهر جميع الشعوب في الحياة السياسية والاقتصادية لبلدانها، ومن ثمة يشرع الجميع في المساهمة في الفعل الديمقراطي من دون إقصاء أي طرف لبناء دولة الحق والقانون، حتى لا تطفو الخلافات وتتحوّل إلى ملاذ تستغله قوى خارجية لتحقيق أطماعها التي تتعارض مع مصلحة الدول الإفريقية، لذا التفاؤل كبير لنرى إفريقيا جديدة تعكس ما يتطلّع إليه شعوب القارة الذين عانوا طويلا مع الحرمان والظلم والاستغلال.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق