نظم موقع الشهيد ميديا بمقره، اليوم، ندوة تاريخية تضمنت ثلاثة مواضيع مرتبطة بشهر جانفي وهي استشهاد مراد ديدوش وخروج عبان رمضان من السجن قبل إنقضاء مدة العقوبة وتعيين جاك سوستيل حاكما في الجزائر تحت عنوان “وأد الثورة”.
تطرق الصحفي والباحث منصف أوبترون في مداخلته بإسهاب لنضال الشهيد ديدوش مراد وكيفية استشهاده، معتمدا على شهادة أحد نوابه المقربين جدا وهو المرحوم محمد قديد، مبرزا شجاعة وحنكة ديدوش السياسية وكيف ساهم في نجاة زيغود يوسف وبعض المناضلين من المعركة التي خاضها مع القوات الفرنسية وأدت إلى استشهاده رفقة ستة آخرين، قائلا: “هذه النوعية من الرجال قليلة جدا ولا تظهر”.
وكشف الصحفي أن ديدوش أحضر السلاح رفقة بن بولعيد وتدرب معه وهو قناص جيد يعرف كيفية استخدام السلاح وإصابة الهدف، موضحا أن ديدوش ولد في شارع ميلوز وليس لارودوت وأنه كان يعرف عمالة قسنطينة التي عين على رأسها جيدا عكس ما ورد في كتاب المجاهد المرحوم محمد مشاطي.
وتأسف أوبترون على التهميش الذي طال محمد قديد والذي لم يسمح له بتقديم شهادته عن الشهيد لأنه كان من المقربين منه.
وأكد الباحث الأكاديمي محمد الأمين بلغيث على الدور الكبير الذي أداه الشهيد في تسريع العمل الثوري ومقولته الشهيرة “سنموت لكن عليكم أن تحافظوا على مبادئنا”، مبرزا أنه ينتمي إلى عائلة ثورية راقية.
وفي مداخلة للأكاديمي عامر رخيلة حول عبان رمضان، قال إنه حين أطلق سراح عبان كانت أوضاع جبهة التحرير منقسمة وتزامن ذلك مع تعيين جاك سوستيل والمراهنة على العمل العسكري من طرف القوات الفرنسية وصعوبة الاتصال بين المناطق وكلها عوامل تخدم عبان في جانب الزعامة، ومن جهة أخرى تؤدي إلى مشاكل بين مكونات قيادة الثورة، على حد قوله.
عبان نظم المجتمع ثوريا
وأشار رخيلة أنه من المآخذ التي سجلت على عبان من طرف بن بلة والعديد من خصومه هو أنه فتح المجال أمام قوى سياسية كانت معادية للثورة، وأضاف أن عبان كان يريد إنقاذ الثورة وهو صاحب فكرة أن كل القوى المعارضة لابد أن تنصهر داخل الثورة بقوة وقد نجح في ذلك.
وأكد المحاضر أنه الفضل يعود لعبان في تنظيم المجتمع تنظيما ثوريا سواء في تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، اتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين، الاتحاد العام للتجار الجزائريين.
من جهته، تناول الباحث بلغيث في مداخلته شخصية جاك سوستيل الذي يمثل صورة النخبة التي كانت تراهن عليها فرنسا الاستعمارية، وهي النخبة التي تكونت من أبناء ذوي الأقدام السوداء منهم جاك بارغ أوغستان، مبرزا أن مجئ سوستيل وكأنه محاولة ربع الساعة الأخير للقضاء على الثورة مثلما عبر عنها الفرنسيون.
سوستيل رائد مشروع استعماري
وأوضح بلغيث أن جاك سوستيل من مواليد 1912 بمونبولييه جاء في 25 جانفي 1956 وعين بمرسوم في 15 فيفري وطرد في نفس السنة، هو إنسان مثقف جدا وصاحب عشرات الدراسات والكتب أشهرها كتاب يتحدث عن مشروع فرنسا الاستعمارية في الجزائر انطلاقا من إعادة تجديد مشروع المؤتمر الإسلامي سنة 1936.
وأضاف المحاضر: “الرؤية الفرنسية للمسألة الجزائرية هي النظرة الاجتماعية للجزائر”، وأول مشروع يقول -بلغيث -هو الثورة الزراعية على الطريقة الفرنسية والمشروع الثاني اجتماعي يتعلق بترقية الجزائريين في الوظيف العمومي وتأسيس مؤسسات التكوين المهني وهي رؤية خطيرة جدا لمحاولة عزل الشباب الجزائري عما يقع في الجزائر، وكذا مشروع الإصلاح الإداري.
وأكد الأكاديمي أن سوستيل هو رائد مشروع اجتماعي سياسي اقتصادي، ثقافي، وإداري لكن يبدو أنه جاء في مرحلة متأخرة.